خدمة مولاك. فوافقت، وجعلت لهم يوم السبت ويوم الأربعاء، إلى أن توفّيت ودفنت بهذه الدار. وأضاف السخاوي: إنّ السيدة نفيسة أقامت في مصر قرابة سبع سنوات...وفي شهر رجب عام 208 هـ ... مرضت السيدة نفيسة، ولمّا أحسّت بدنوّ أجلها بعثت إلى زوجها إسحاق المؤتمن كتاباً، وحفرت قبرها بيدها في بيتها، وكانت تنزل وتصلّي به كثيراً[373]. وأراد زوجها بعد موتها أن يحملها إلى المدينة المنوّرة لكي يدفنها بالبقيع، فاجتمع أهل مصر إلى الوالي، واستجاروا به عن زوجها ليردّه عمّا أراد، فأبى، فجمعوا له مالاً وفيراً حتى وسق بعيره، وسألوه أن يدفنها عندهم، فأبى... فباتوا في ألم عظيم، فلمّا أصبحوا اجتمعوا إليه فوجدوه مستجيباً لرغبتهم، فلمّا سألوه عن ذلك قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقول لي: «ردّ عليهم أموالهم، وادفنها عندهم». وعن ذلك يقول العلاّمة الأجهوري: إنّ السيدة نفيسة رضي الله عنها حفرت قبرها بيدها الشريفة، أي أمرت ببنائه حال صحّتها; لشدّة شوقها للقاء خالقها، وعدم رغبتها في الدنيا الفانية وزينتها، وكانت ـ عليها سحائب الغفران ـ تنزل فيه للتعبّد والتذكّر بالدار الآخرة[374]. وهناك رواية سجّلها بعض المؤرّخين على لسان ابنة أخيها... وقد وصفت فيها أحوال هذه السيدة الطاهرة بعد أن أصابها المرض وأحسّت بدنوّ أجلها... وممّا نقله هؤلاء المؤرّخون على لسانها: «تألّمت عمّتي في أول يوم من رجب، وكتبت إلى زوجها إسحاق المؤتمن كتاباً، وكان غائباً بالمدينة، تطلب إليه المجيء إليها وموافاتها; لإحساسها بدنوّ أجلها، وفراقها الدنيا، وإقبالها على الآخرة». وما زالت متوعّكة إلى أن كان يوم أول جمعة من شهر رمضان، فزاد عليها الألم وهي صائمة، فدخل عليها الأطبّاء، فأشاروا عليها بالإفطار لحفظ قوتها، والتغلّب