وقد كان ابن خلّكان يروي: أنّ الإمام الشافعي (رضي الله عنه) لمّا دخل مصر حضر اليها وسمع عليها الحديث[344]. وقالت زينب بنت يحيى المتوّج، وهو أخو السيدة نفيسة رضي الله عنهم: «كانت عمّتي نفيسة تحفظ القرآن وتفسيره، وكانت تقرأ القرآن وتبكي، وتقول: الهي وسيدي يسِّر لي زيارة خليلك إبراهيم (عليه السلام)»[345]، لأنّها كانت تعلم أنّه أبو الانبياء، أي أنّه أبو أبيها محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله). وخاتم الأنبياء، وأنّه بشّر به كما ورد في الأثر، وإذن فهو أبوها وجدّها، وكانت تعرف أنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) قال: «أنا دعوة إبراهيم (عليه السلام)، حيث يقول: (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)»[346]. وحين بلغت المزار، ووقفت بين يدي جدّها خليل الله، قالت: «ما أن بلغت المقام الكريم والضريح العظيم حتى أجهشت بالبكاء، بكاء السرور لتحقيق أمنيتي في زيارة الخليل، ثم جلست في خشوع أقرأ من آيات الله ما ورد في خليل الله. وقرأت: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثيراً مِنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتي بِوَاد غَيْرِ ذِي زَرْع عِندَ بَيْتِكَ الْمُـحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِنَ الَّثمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ * رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللهِ مِن شَيْء فِي الاَْرْضِ وَلاَ فِي السَّماءِ * الْحَمْدُ للهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ * رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ * رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ * وَلاَتَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا