وفي اليوم الثامن من ذي الحجة من العام نفسه قرّر الإمام الحسين الزحف ناحية الكوفة، وقد شدّ من أزره آنذاك أهل مسلم بن عقيل للأخذ بثأره ممّن قتله، وقد قيل كلام كثير عن تلك التحذيرات التي لم يأخذ بها الإمام الحسين، حيث مضى إلى الكوفة لملاقاة جيش يزيد بن معاوية هناك. وفي كربلاء دارت معركة حامية، شارك فيها أكثر من ألف فارس من أتباع عبيدالله بن زياد والي البصرة ومبعوث يزيد بن معاوية، ثم انضم إليه بعد ذلك أربعة آلاف مقاتل آخرون. وخلال ساعات استشهد كلّ أتباع وأصحاب الإمام الحسين، وظلّ هو يحارب وحده حتّى مات شهيداً في كربلاء عام 61 هـ الموافق 680م، وقد عرفت باسم موقعة «الطف» الواقعة بجوار مدينة كربلاء. وتقول الدكتورة سعاد ماهر أُستاذ الآثار: «إنّه يكاد يكون هناك إجماع بين المؤرّخين وكتّاب السير على أنّ جسد الإمام الحسين ـ بالفعل ـ مدفون هناك بكربلاء وقد جاء في كتاب «الإرشاد» للشيخ المفيد[170] بشأن ذلك أنّه بعد أن احتزت الرأس وأُخذت إلى ابن زياد بالكوفة، خرج قوم من بني أسد كانوا نزولاً بالغاضرية إلى الحسين وأصحابه فصلّوا عليهم، ودفنوا الحسين حيث قبره الآن بكربلاء، كما دفنوا ابنه علياً عند رجليه، وحفروا للشهداء من أهل بيته وأصحابه حوله، كما دفنوا العباس بن علي في الموضع الذي قُتل فيه على طريق الغاضرية حيث قبره الآن...»[171].