تتعادى بنا خيلنا حتّى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: هلمّي الكتاب، فقالت: ما عندي من كتاب، فقلت: لتخرجنّ الكتاب، أو لنلقينّ الثياب، فأخرجته من عِقاصها،[620] فأتينا به النبي (صلى الله عليه وآله)، فإذا هو من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين يخبرهم ببعض أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال: «ما هذا يا حاطب»؟! فقال: يا رسول الله، لا تعجل علىّ، فإنّي كنت امرءاً ملصقاً في قريش، ولم أكن من أنفسها، وإنّ قريشاً لهم بها قرابات يحمون بها أهليهم بمكّة، فأحببت إذ فاتني ذلك أن اتّخذ فيهم يداً يحمون قرابتي بها ! والله - يا رسول الله - ما كان بي من كفر ولا ارتداد، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «صدقكم» فقال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق ! فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «قد شهد بدراً، وما يدريك لعلّ الله اطّلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.[621]» (523) سنن أبي داود: عن فرات بن حيّان: أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمر بقتله، وكان عيناً لأبي سفيان حليفاً لرجل من الأنصار، فمرّ بحلقة من الأنصار، فقال: إنّي مسلم، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، إنّه يقول إنّي مسلم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إنّ منكم رجالا نكلهم إلى إيمانهم، منهم فرات بن حيّان.[622]» (524) سنن أبي داود: عن ابن سلمة بن الأكوع، عن أبيه، قال: أتى النبي (صلى الله عليه وآله) عين من المشركين وهو في سفر، فجلس عند أصحابه، ثمّ انسلّ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): «اطلبوه، فاقتلوه». قال: فسبقتهم إليه فقتلته، وأخذت سلبه، فنفّلني إيّاه.[623]