إلى هنا ندرك إذ أهمية الجهاد والقتال في سبيل الله (سبحانه وتعالى)، وهو أنّه من أهّم وأعظم أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو السبيل الذي يقطع دابر الفتنة والفساد من العالم. وندرك أيضاً من خلال ذوق الشريعة في التعامل مع قضية الجهاد على أنّ تركه محرّم، لما فيه من تسليط لأعداء الله والإنسانية على البشر ليضطهدوهم ويذلّوهم ويستغلّوا خيرات بلاد الله، مضافاً لما في تركه من الذلّ والعار، فيفقد الإنسان بذلك حرّيته وكرامته، وفوق كلّ ذلك عزّته التي يأبى الله للمؤمن المسلم أن يُفرّط فيها، ولما في ترك الجهاد من محق للدين وللشرائع، وإحياء للبدع الضالّة، وتقوية للشيطان وحزبه. ثمّ ينتقل الله (سبحانه وتعالى) ليعبّر عن الجهاد بأنّه تجارة مربحة مع الله (سبحانه وتعالى) بقوله (عزّ وجلّ): (هل أدلّكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون * يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنّات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبّة في جنّات عدن ذلك الفوز العظيم) [12]، أو كما في الآية الأُخرى التي يعبّر فيها عن الجهاد بأنّ الله يشتري من المؤمنين حياتهم بدفع الجنان لهم في الآخرة، كما قال سبحانه: (إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون) [13]. وتكريم الله تعالى لفريضة الجهاد والحثّ عليها بهذا المقدار، يرجع إلى أنّ الشهادة ـ أي: القتل في سبيل الله تعالى ـ هي ثمرة من ثمرات هذا الجهاد وأثر من آثاره، ولهذا نرى أنّ الله سبحانه قد رفع من قيمة الشهادة والشهداء إلى الحدّ الذي يجعل فيه الشهيد هو قمّة الأفراد من بين نوع البشر باعتبار أنّ حياته قد