يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين) [9]. وقد ورد في الروايات عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) ما يوضّح دلالة هذه الآيات بصورة أكثر دلالة، وذلك من خلال شرح مضامين هذه الآيات المباركة بالحديث الشريف، كما في قول النبي (صلى الله عليه وآله): «إنّ فوق كلّ برٍّ برٌّ حتّى يُقتل الرجل في سبيل الله، فإذا قُتل في سبيل الله فلا برّ فوقه»، وقول أمير المؤمنين (عليه السلام): «أمّا بعد، فإنّ الجهاد باب من أبواب الجنّة فتحه الله لخاصّة أوليائه، وهو درع الله الحصينة وجنّته الوثيقة»، أو كما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله): «من مات ولم يغز ولم يحدّث به نفسه مات على شعبة من النفاق». وكذلك ورد في الروايات ما يكشف عن مساوئ ترك الجهاد وأثر ذلك على الأُمّة كلَّها، من قبيل ما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «فمن ترك الجهاد ألبسه الله ذلاًّ وفقراً في معيشته ومحقاً في دينه، إنّ الله أعزّ أُمّتي بسنابك خيلها ومراكز رماحها»، وما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) من قوله: «فإنّ مجاهدة العدوّ فرض على جميع الأُمّة، ولو تركوا الجهاد لأتاهم العذاب، وهذا هو من عذاب الأُمّة». ولهذا نرى أنّ الله (عزّ وجلّ) لم يجعل المجاهدين في نفس المنزلة مع غيرهم، بل جعل المجاهدين يمتازون عن غيرهم في المرتبة والمكانة عنده وعند الناس; لأنّهم هم الذين انبروا ليدافعوا عن شرف الأُمّة، وقد صمدوا أمام أعدائها، وأخذوا على عاتقهم ردّ كيد المعتدين والظالمين الذين يريدون إذلال العباد واستعمار البلاد، ولهذا نطق القرآن الكريم بفضلهم على غيرهم، كما في الآية الكريمة: (و فضّل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً) [10] و: (فضّل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة) [11].