على المنبر: يا سارية الجبل، قال علىّ كرّم الله وجهه: فكتبت تاريخ تلك الكلمة، فقدم رسول مقدم الجيش، فقال: يا أمير المؤمنين، غزونا يوم الجمعة في وقت الخطبة، فهزمنا الأعداء، فإذا بصوت يقول: يا سارية الجبل، فأسندنا ظهورنا إلى الجبل، فهزم الله الكفّار، وظفرنا بالغنائم العظيمة ببركة هذا الصوت([389]). ويذهب بعضهم إلى أنّ ذلك معجزة للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، إذ أنّه قال لأبي بكر وعمر: «أنتما منّي بمنزلة السمع والبصر»([390]) فلّما كان عمر بمنزلة البصر لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلا جرم إذا قدر على أن يرى سارية وجيشه من ذلك البعد العظيم ! وكان من عادة المصرييّن ألاّ يجرى نيلهم حتّى يلقى فيه جارية حسناء، فبعد الفتح كتب عمرو بن العاص بذلك إلى عمر، فكتب عمر على خرقة: «أيّها النيل، إن كنت تجري بأمر الله فاجرِ، وإن كنت تجري بأمرك فلا حاجة بنا إليك» فألقيت تلك الخرقة في النيل، فجرى بإذن الله تعالى، ولم يقف بعد ذلك([391]). وجاء إلى عمر رسول ملك الروم، فطلب دار عمر، وقد ظنّ أنّ داره مثل قصور الملوك، فقالوا: ليس له ذلك، وإنّما هو في الصحراء يضرب اللبن، فلمّا ذهب إلى الصحراء رأى عمر وقد وضع درّته تحت رأسه ونام على التراب، فعجب الرسول من تلك، وقال: إنّ أهل الشرق والغرب يخافون من هذا الإنسان وهو على هذه الصفة ! ! ثم قال في نفسه: إنّي وجدته خالياً فأقتله وأُخلّص الناس منه، فلّما رفع السيف أخرج الله عزّوجلّ من الأرض أسدين فقصداه، فخاف وألقى السيف من يده، وانتبه عمر ولم ير شيئاً، فسأله عن الحال،