الترمذي([385]). ويقول الحموي: وفي هذا دليل على وقوع الكرامة بعد الموت بتقصيره (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث أقرّ قراءة الميت سورة الملك وقال: «هي المانعة هي المنجية من عذاب القبر». ويقول العلاّمة التفتازاني: إنّ ما يظهر من الخوارق بعد موت الأنبياء يكون كرامةً لهم لا معجزة([386]). وعلى ذلك، فما يظهر من التصرّفات على يد الأولياء، ولا يخالف الدين، لأنّ هذا التصرّف الذي يُنسب للأولياء هو نوع من الكرامات، وهو فعل الله وخلقه، يظهره الله إكراماً لهم، تارةً بإلهام، وتارةً بمنام، وتارةً بدعائهم، وتارةً بفعلهم واختيارهم، وتارةً بغير اختيار ولا قصد ولا شعور منهم، بل قد يحصل من الصبي المميّز([387])، وتارةً بالتوسّل إلى الله تعالى بهم في حياتهم وبعد مماتهم ممّا هو يحكى في القدرة الإلهية، ولا يقصد الناس بسؤالهم ذلك قبل الموت وبعده نسبتهم إلى الخلق والإيجاد والاستقلال بالأفعال، فإن هذا لا يقصده مسلم، ولا يخطر ببال أحد من العوام فضلا عن غيرهم، فصرف الكلام إليه ومنعه من باب التلبيس في الدين، والتهويش على عوام الموحّدين، فلا يظنّ بمسلم، بل ولا بعاقل، توهّم ذلك فضلا عن اعتقاده، وكيف بالكفر أوبمخالفة القرآن على من اعتقد ثبوت التصرّف لهم في حياتهم وبعد مماتهم، حيث كان مرجع ذلك كلّه إلى قدرة الله تعالى خلقاً وإيجاداً. أمّا ما ورد في الآثار من الكرامات، فما ظهر عن الخلفاء الراشدين، فإنّ الصدّيق أبابكر(رضي الله عنه) لمّا حُملت جنازته إلى باب قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ونودي: السلام عليك يا رسول الله، هذا أبو بكر بالباب، فإذا بهاتف يهتف من القبر: أدخلوا الحبيب إلى الحبيب([388]). وأمّا أبو حفص عمر(رضي الله عنه)، فقد ظهرت له كرامات كثيرة، فإنّه قد بعث جيشاً وأمّر عليه رجلا يدعى: سارية بن الحصين، فبينما عمر يخطب يوم الجمعة جعل يصيح في خطبته وهو