على التوالي، من غير أن يتخلّلها عصيان. وكِلاَ المعنيَيْن واجب تحقّقه حتّى يكون الولىّ وليّاً عندنا في نفس الأمر([381]). وهذا الولىّ بالمعنى الأخصّ، وهو المراد من قول صاحب الجوهرة: وأثبتن للأولياء الكرامة *** ومن نفاها فانبذن كلامه([382]) فهو الولىّ الذي تظهر على يديه الكرامة. وأمّا الولىّ بالمعنى الأعمّ، فهو الذي يشمل كلّ مؤمن، ويتحقّق فيه المعنيان متى تحقّق فيه الإيمان المنجي من الخلود في النار، سواء انضمّ معه الإيمان والتقوى المنجيان من الدخول في النار أم لا، بخلاف الولىّ بالمعنى الأخصّ الذي تقدّم. وقال علماء الكلام([383]): يجب الاعتقاد بأنّ للأولياء كرامة حال حياتهم في الدنيا، وبعد موتهم يوم القيامة. والمراد أنّه يجب على كلّ مكلّف أن يعتقد الكرامة، أي: حقيقتها، بمعنى: جوازها ووقوعها لهم، كما ذهب إليه جمهور أهل السنّة، ومعنى الكرامة: أمر خارق للعادة ـ عادة البشر ـ غير مقرون بدعوى نبوّة، ولا هو مقدّمة لها، يظهر على يد عبد ظاهر الصلاح، ملتزم لمتابعة نبىٍّ كُلِّف بشريعة، مصحوب بصحيح الاعتقاد والعمل الصالح، علم بها أولم يعلم بعدم الاقتران المذكور عن المعجزة، فلا تلتبس بها وينفى مقدّمتها عن الإرهاص، وما يظهر على يد الأنبياء قبل النبوّة، كتظليل الغمام لنبيّنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). وأمّا الدليل على جواز وقوع الكرامات للأولياء بعد مماتهم، فهو ما نقله الحافظ عبدالعظيم المنذري في كتاب الترغيب والترهيب([384]) حيث قال عن ابن عباس رضي الله عنهما: ضرب بعض الصحابة خباءه على قبر، وهو لا يحسب أنّه قبر، فإذا قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتّى ختمها، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «هي المانعة، هي المنجية من عذاب القبر» رواه