أمّا في الشكل فهو واضح تماماً. ذلك اننا نشهد فيها: أولا: هذا التجمع الضخم غير العادي، إذ تتجه مختلف الفتاوى إلى إعطائها من هذه الجهة حكماً خاصاً يجعلها متميزة على الجماعات التي تقام خلال الأُسبوع مابين الجمعتين، بل لنشهد بعض الفتاوى الإسلامية تمنع من إقامة جمعتين في مسافة ما دون فرسخين، فإذا لاحظنا أنّه يقلّ أن تزيد مدينة على هذا القدر خصوصاً إذا كانت الصلاة تقام في مركز المدينة ـ كما هو الحال الآن في طهران العاصمة مثلاً ـ فإنها سوف تستوعب كلّ المكلفين من الرجال ومن حضر من النساء والمسافرين والأطفال، وهذا يعني حضور شعب المدينة بكلّ أفراده فيها. ثانياً: إيقاف أكثر العمليات التجارية والاقتصادية، وجلب كلّ الأنظار إلى هذه العبادة التي يراد لها أن تؤثر من خلال تجمع كلّ الفئات، فتسري روح الإسلام إلى كلّ أبعاد المجتمع. ثالثاً: الوقوف الموحّد للناس خلف الإمام، وهو صورة رمزية ترتسم بكلّ ثرائها في أذهان الناس، لتذكرهم بقيمة الوحدة ومحور الوحدة (أي العقيدة) وصعيد الوحدة (الصلة بالله) وبمن تتم الوحدة (الإمام) وفي أي جوّ تتم الوحدة (الطهارة) واتجاه الوحدة (القبلة رمز التوحيد) وهكذا تذوب كلّ التمايزات الوهمية بكلّ بساطة، ويسود الجميع رضا الله. رابعاً: التعويض عن الركعتين بالخطبتين. وبغضّ النظر عن محتواهما الاجتماعي، فإنهما تكشفان عن هذا البعد بنفسيهما، ويتأكد هذا عند ملاحظة لزوم الاستماع الواعي مع حضور قلبي لما يقوله الإمام، ممّا يرمز إلى لزوم استماع أوسع في مجال الحياة العامة. والمجتمع السليم هو المجتمع (الذي يتولى قائده القيادة وفق الأساليب الشرعية، ويطبّق تعاليم الله، ويستمع الشعب له ويطيع). خامساً: قيام الإمام بالفعل ـ أي القائد الحاكم العادل أو من يعيّنه وينتسب إليه ـ بمهام الإمامة. ولهذا الجانب بُعده العظيم. إنّه يعبّر: ألف ـ عن أنّ علاقة الناس بالقائد هي علاقة تبعية على أساس من أمر ألهي.