«...ولتُعرف آثار رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وتُعرف أخباره ويُذكر ولا يُنسى...» ([20]). إنّنا من خلال هذا الاستعراض ننتهي إلى الحقيقة المهمّة القائلة: بأنّ الحجّ هو سُنّة الأنبياء (عليهم السلام)، والمحقّق لهدفهم بكلّ وضوح، وهو سُنّة إبراهيم (عليه السلام) المؤدّية لتركيز أهدافه الحضارية. ولكن ما هي أهداف الأنبياء (عليهم السلام) ؟، وكيف يحقّقها الحجّ؟ إنّ القرآن الكريم أوّلاً يربط هدف الأنبياء (عليهم السلام) بهدف الخلقة الإنسانية عموماً وهو الوصول إلى أقصى درجات التكامل عبر الرقيّ في مدارج العبوديّة الكاملة لله تعالى. (وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون) ([21]). فكلّما تعمّقت معاني العبوديّة في الوجود الإنساني تكامل وقَرُبَ من الكمال المطلق. وكلّ دعوات الأنبياء (عليهم السلام) تتلخّص في التعبيد لله تعالى، ولزوم صياغة الحياة كلّها وفق أوامره جلّ وعلا. وقوله تبارك وتعالى: (أنْ اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) ([22]) يردّدها كلّ الأنبياء (عليهم السلام) دون استثناء. والدعوة للتوحيد هي روح كلّ كلماتهم عليهم الصلاة والسلام. يقول تعالى: (إذ جاءتهم الرُّسلُ مِنْ بين أيديهم ومن خلفهم ألاّ تَعْبُدوا إلاّ الله) ([23]). وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله: «أفضل الأيام يوم عرفة، إذا وافق يوم الجمعة فهو أفضل من سبعين حجّة من غير