كَفَرَ فإنّ اللهَ غَنيٌّ عَن العالَمين) ([17]). وإذا لاحظنا سورة الحجّ وجدناها تؤكّد في مواضع عديدة صراع الخطّين: خطّ الحقّ وخطّ الباطل، كما تؤكّد نصرة الله لخطّ الحقّ بعد أنْ تأذّن للمؤمنين في قتال الكافرين، وبعد كلّ هذا تردّ على الكافرين الذين يلحدون بظلم في بيت الله وتربط هذا البيت بإبراهيم (عليه السلام)، فتقول: (وإذ بوّأنا لإبراهيم مكان البيت أنْ لا تشرك بي شيئاً وطهّر بيتي للطائفين والقائمين والركّع السجود * وأذّن في الناس بالحجّ يأتوك رجالاً وعلى كلّ ضامر يأتين من كلّ فجّ عميق) ([18]). وفي ختام السورة يدعو الخطّ المؤمن للجهاد ـ حقّ الجهاد ـ وينفي الحرج عنه، ويعتبر ذلك ملّة أبيهم إبراهيم (عليه السلام)، مذكّراً المسلمين بدورهم الحضاري كشاهد على الناس وبدور الرسول (صلى الله عليه وآله) كشاهد عليهم. وهكذا يتمّ أروع ربط بين خطّ الأنبياء (عليهم السلام) ـ وبالخصوص خطّ إبراهيم (عليه السلام) ـ وهذه الاُمّة المسلمة، فيقول تعالى في آخر سورة الحجّ: (وجاهدوا في الله حقّ جِهادِهِ هُو اجتباكُم وما جَعَلَ عليكم في الدّينِ مِنْ حَرَج مِلّةَ أبيكُم إبراهيم هو سمّاكُم المسلمين مِنْ قَبل وفي هذا لِيَكون الرسولُ شهيداً عليكُم وتَكُونوا شُهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزّكاة واعتَصِموا بالله هُو مَولاكُم فَنِعْمَ المولى وَنِعْمَ النّصير) ([19]). ولمّا كان الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) خاتم الأنبياء وأفضلهم فهو يمثّل خطّهم خير تمثيل، ولمّا كان الحجّ يعني ـ فيما يعني ـ: التذكير بالرسول العظيم (صلى الله عليه وآله) وآثاره وانطلاقة دعوته العالمية الإنسانية الكبرى، فإنّ الحجّ يمثّل أروع عمليّة تذكير بسيرته صلّى الله عليه وآله. وقد جاء عن هشام بن الحكم، عن الصادق (عليه السلام) ـ وهو يذكر حِكَم الحجّ ـ قوله: