عفيف الأزدي الذي ذهبت إحدى عينيه يوم الجمل وذهبت عينه الأُخرى يوم صفّين، فصاح بالوالي غداة يوم انتصاره وزهوه: « يا ابن مرجانة ! أتقتل أبناء النبيين وتقوم على المنبر مقام الصدّيقين ؟! إنّما الكذّاب أنت وأبوك والذي ولاّك وأبوه ». فما طلع عليه الصباح إلاّ وهو مصلوب([106]). إلى هذا الأُفق الأعلى من الأريحيّة والنخوة ارتفعت بالنفس الإنسانيّة نصرة الحسين، وإلى الأغوار المرذولة من الخسّة والأثرة هبطت بالنفس الإنسانيّة نصرة يزيد.. وحسبك من خسّة ناصريه أنّهم كانوا يجزون بالحطام وهتك الأعراض على غزو المدينة النبويّة واستباحة ذمارها([107]) فيسرعون إلى الجزاء.. يسرعون إليه وليسوا هم بكافرين بالنبي الدفين في تلك المدينة، فيكون لهم عذر الإقدام على أمر لا يعتقدون فيه التحريم ! بل حسبك من خسّة ناصريه أنّهم كانوا يرعدون من مواجهة الحسين بالضرب في كربلاء ; لاعتقادهم بكرامته وحقّه، ثمّ ينتزعون لباسه ولباس نسائه فيما انتزعوه من أسلاب ! ولو أنّهم كانوا يكفرون بدينه وبرسالة جدّه لكانوا في شرعة المروءة أقلّ خسّة من ذاك. * * * وتتقابل وسائل النجاح في المزاجين كما تتقابل المقاصد والغايات..