ثم وجد في فكرة التقريب بين المذاهب ضالته المنشودة في تحقيق الوحدة الإسلامية، وأنها كانت طريقاً سلكه رجال قبله من ذوي الحرص على تلك الوحدة والعمل على ازدهارها من أمثال الشيخ عبد المجيد سليم شيخ الأزهر الأسبق، الذي كان يعد ـ بحق ـ هو لسان حال تلك الجماعة المبين، وقلمها البليغ، ورائدها الممتاز، والذي كان له فضل السبق في إرساء دعائمها وإيجاد الأساس الفكري والشرعي لها. وقد استقر ذلك الأساس على أن الإسلام هو دين الوحدة الكاملة بين جميع الأمم الإسلامية، وقد ألغى العصبية العنصرية والجنسية، ودعا إلى الوحدة العامة التي جعلت المسلمين في ظلها كالبنيان المرصوص أو الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وأن حرية التفكير في الإسلام مكفولة مادامت لا تعارض أساساً أو ركناً من أركان العقيدة الإسلامية، ولهذا ظهر في الإسلام عدد من كبار الأئمة المشروعين أجمعوا على الأُصول الرئيسية، واختلفوا في التفصيلات الفرعية اختلاف تكامل لا تناقض وتنوع إثراء لا عداء، فلما ضعف أمر المسلمين، جسموا هذه الخلافات، ونفخوا فيها فأشعلوا فيها النيران التي لفحتهم ومزقتهم كل ممزق، ووجد الاستعمار ضالته في ذلك فنفخ في ذلك الخلاف من حقده وسمومه، وباعد بين شعوب الأمة الإسلامية على الرغم من انهم جميعاً يؤمنون بإله واحد وكتاب واحد ويتجهون إلى قبلة واحدة ويؤدون الأركان الأساسية للإسلام من السنيين والشيعيين، ولهذا فكر بعض المصلحين من كبار العلماء في العمل على لمّ الشمل ورأب الصدع وإزالة بواعث الخلاف.([40]) .. وكان في مقدمة المفكرين في هذا المجال الشيخ محمد تقي الدين القمي من كبار علماء الشيعة، والإمام الشيخ محمد المراغي. والإمام الشيخ مصطفى عبد الرزاق، وإن كان تأييدهما للفكرة قد اقتصر على الجانب العلمي والتأييدي وذلك لظروف خاصة، أما الإمام الشيخ عبد المجيد سليم، فقد أسهم بكل طاقاته المادية والروحية في انشاء جماعة التقريب، ودعا إلى تأييدها بقلمه ولسانه وأسهم معه فيها كثير من أماجد العلماء في عصرنا منهم الشيخ علي الخفيف، والشيخ عبد العزيز عيسى، والشيخ محمد المدني، والشيخ محمد الغزالي، والشيخ سيد