تاركين بيوتهم ومصالحهم في قراهم ومزارعهم مدة تتراوح بين أسبوع وأسبوعين، ثم يقول: وفي تلك الموالد نرى حفلات المقامرين والمقامرات بجانب حفلات المدمنين والمدمنات، وبجانبها حفلات الذاكرين والذاكرات والخليعين والخليعات والراقصين والراقصات، ويجوس خلال الجميع المتسولون والمتسولات، والنشالون والنشالات، وكل ذلك يصنع في الموالد، وعليه تقام وإليه يهرع الناس باسم الولاية وتكريم المشايخ.([33]) ثم يقول: لقد صارت تلك الموالد مباءة عامة تنتهك فيها الحرمات وتراق في جوانبها دماء الأعراض، وتمسخ فيها وجوه العبادة، وتستباح البدع والمنكرات، ولا يقف فيها أرباب الدعارة عند مظهر أو مظهرين من مظاهر الدعارة العامة، ومن أشد ما يؤلم أن نرى تلك المظاهر الداعرة تطوق في المدن معاهد العلم والدين ومساجد العبادة والتقوى على مسمع ومرأى من رجال الحكم ورجال الدين أرباب الدعوة والإرشاد.([34]) كما نعى على هؤلاء الذين يضعون الشمع والمناديل على مقامات الأولياء مع أن الدين لا يعرف ما يسمى بمقامات الأولياء سوى ما يكون للمؤمنين المتقين عند ربهم من درجات، وإنّما يعرف كما يعرف الناس أن لهم قبوراً، وان قبورهم كسائر قبور موتى المسلمين، يحرم تشيدها، وزخرفتها، وإقامة المقاصير عليها، وتحرم الصلاة فيها وإليها والطواف بها، ومناجاة من فيها، والتمسح بجدرانها، وتقبيلها والتعلق بها، ويحرم وضع أستار وعمائم عليها، وإيقاد شموع أو ثريات حولها، وكل ذلك ـ مما نرى ويتهافت الناس عليه ويتسابقون في فعله على أنه قربة لله أو تكريم للولي أو قربة وتكريم ـ خروج عن حدود الدين، وارتكاب لما حرمه الله ورسوله في العقيدة والعمل، وإضاعة للأموال في غير فائدة، وسبيل للتغرير بأرباب العقول الضعيفة، واحتيال على سلب الأموال بالباطل.([35]) وفي هذا الإطار ـ أيضاً نعى على هؤلاء الذين يعتقدون في طيران الموتى، وبين ما تنطوي عليه أفكارهم من زيف وسفه، وقال: إنه لم يطر أحد محمول في سيارة، ولم يطر أحد من