موضوعاتها، فأفتوا بجواز التوسع في الموضوع لا من باب الضرورة والحرج، بل لانفتاح آفاق جديدة أمامهم في الاستنباط. كانت الفتاوى في الأعصار السابقة على تحديد المطاف بـ 26 ذراعاً ومن المعلوم انّ هذا التحديد كان يرجع فيما إذا كان عدد الحجاج لا يزيد على 100 ألف حاج، وأمّا اليوم فعدد الطائفين تجاوز عن هذا الحد بكثير حتى بلغ عددهم في هذه الأعصار إلى مليوني حاج بل أزيد، فإذا خوطب هؤلاء بالطواف على البيت فهل يفهم منه انّه يجب عليهم الطواف بين الحدين؟ إذ معنى ذلك أن يحرم الكثير من هذه الفريضة، أو يفهم إيجاد التناوب بين الطائفين حتى لا يطوف حاج طوافاً ندبياً إلى أن يفرغ الحجاج عن الفريضة، أو يفهم منه ما فهمه الآخرون من أنّهم يطوفون بالبيت بالأقرب فالأقرب؟ وإلى تينك الحالتين تشير الروايتان التاليتان([80]): 1ـ فقد روى محمد بن مسلم مضمراً، قال: سألته عن حدّ الطواف بالبيت الذي من خرج عنه لم يكن طائفاً بالبيت؟ قال: “كان النّاس على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يطوفون بالبيت والمقام وأنتم اليوم تطوفون ما بين المقام وبين البيت، فكان الحدّ موضع المقام اليوم، فمن جازه فليس بطائف، والحدّ قبل اليوم واليوم واحد قدر ما بين المقام وبين البيت من نواحي البيت كلّها، فمن طاف فتباعد من نواحيه أبعد من مقدار ذلك كان طائفاً بغير البيت بمنزلة من طاف بالمسجد لأنه طاف في غير حدّ ولا طواف له ”. 2ـ محمّد بن علي الحلبي قال: سألت أبا عبدالله(صلى الله عليه وآله وسلم) عن الطواف خلف المقام؟ قال: “ما أحبّ ذلك وما أرى به بأساً، فلا تفعله إلا أن لا تجد منه بداً ”. والأولى ناظرة إلى الحالة التي يتمكن الحاج من الطواف بين الحدين بلا مشقة كثيرة، ولعلّ الإمام المروي عنه هو أبو جعفر الباقر(عليه السلام)، ولم يكن يوم ذاك زحام كثير؛ والثانية منهما ناظرة إلى عصر الزحام بحيث يعسر للحاج أن يراعي ذلك الحدّ.