3ـ أفتى القدماء بأنّ الإنسان يملك المعادن المركوزة في أرضه تبعاً لها دون أي قيد أو شرط، وكان الداعي من وراء تلك الفتوى هو بساطة الوسائل المستخدمة لذلك، ولم يكن بمقدور الإنسان الانتفاع إلا بمقدار ما يعد تبعاً لأرضه، ولكن مع تطور الوسائل المستخدمة للاستخراج، استطاع أن يتسلط على أوسع مما يعدّ تبعاً لأرضه، فعلى ضوئه لا مجال للإفتاء بأنّ صاحب الأرض يملك المعدن المركوز تبعاً لأرضه بلا قيد أو شرط، بل يحدد بما يعد تبعاً لها عرفاً، وأمّا الخارج عنها فهو إمّا من الأنفال أو من المباحات التي يتوقف تملّكها على إجازة الإمام. نعم لا ينبغي التأمل في قيام السيرة العقلائية بل وكذا الشرعية ـ وإن انتهت إليها ـ على دخولها في ملك صاحب الأرض بتبع ملكه للأرض فتلحق الطبقة السافلة بالعالية والباطنة بمحتوياتها بالظاهرة أخذاً بقانون التبعية وإن لم يتم هذا الإلحاق من ناحية الإحياء حسبما عرفت ومن ثمّ لو باع ملكه فاستخرج المشتري منه معدناً ملكه وليس للبائع مطالبته بذلك، لأنه باعه الأرض بتوابعها. ولكن السيرة لا إطلاق لها والمتيقن من موردها ما يعد عرفاً من توابع الأرض وملحقاتها كالسرداب والبئر وما يكون عمقه بهذه المقادير التي لا تتجاوز عن حدود الصدق العرفي فما يوجد أو يتكون ويستخرج من خلال ذلك فهو ملك لصاحب الأرض بالتبعية كما ذكر. وأمّا الخارج عن نطاق هذا الصدق غير المعدود من التوابع كآبار النفط العميقة جداً وربما تبلغ الفرسخ أو الفرسخين، أو الآبار العميقة المستحدثة أخيراً لاستخراج المياه من عروق الأرض البالغة في العمق والبعد نحو ما ذكر أو أكثر، فلا سيرة في مثله ولا تبعية، ومعه لا دليل على إلحاق نفس الأرض السافلة بالعالية في الملكية فضلاً عن محتوياتها من المعادن ونحوها. نعم في خصوص المسجد الحرام ورد أنّ الكعبة من تخوم الأرض إلى عنان السماء. ولكن الرواية ضعيفة السند. ومن ثمّ ذكرنا في محله لزوم استقبال عين الكعبة لجميع الأقطار لا ما يسامتها من شيء من الجانبين.