وقال في موضع آخر: النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعاً، كانت الأفعال موافقة أو مخالفة، وذلك انّ المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلّفين بالإقدام أو بالإحجام إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل.([42]) 3ـ ومنهم: العلاّمة محمد أمين أفندي الشهير بـ “ابن عابدين ” مؤلف كتاب “مجموعة رسائل ” قال ما هذا نصّه: اعلم أنّ المسائل الفقهية إمّا أن تكون ثابتة بصريح النص، وإمّا أن تكون ثابتة بضرب اجتهاد ورأي، وكثيراً منها ما يبينه المجتهد على ما كان في عرف زمانه بحيث لو كان في زمان العرف الحادث لقال بخلاف ما قاله أوّلاً، ولهذا قالوا في شروط الاجتهاد انّه لابدّ فيه من معرفة عادات الناس، فكثير من الأحكام تختلف باختلاف الزمان لتغير عرف أهله، أو لحدوث ضرورة، أو فساد أهل الزمان بحيث لو بقي الحكم على ما كان عليه أوّلاً للزم منه المشقة والضرر بالناس، ولخالف قواعد الشريعة المبنية على التخفيف والتيسير ودفع الضرر والفساد لبقاء العالم على أتم مقام وأحسن أحكام، ولهذا ترى مشايخ المذهب خالفوا ما نص عليه المجتهد في مواضع كثيرة بناها على ما كان في زمنه لعلمهم بأنّه لو كان في زمنهم لقال بما قالوا به أخذاً في قواعد مذهبه.([43]) 4ـ ومنهم: الفقيه الأستاذ أحمد مصطفى الزرقاء في كتابه “المدخل الفقهي العام ”، قال: الحقيقة ان الأحكام الشرعية التي تتبدّل بتبدّل الموضوعات مهما تغيرت باختلاف الزمان، فانّ المبدأ الشرعي فيها واحد وليس تبدّل الأحكام إلا تبدّل الوسائل والأساليب الموصلة إلى غاية الشارع، فانّ تلك الوسائل والأساليب في الغالب لم تحدّد في الشريعة الإسلامية بل تركتها مطلقة لكي يختار منها في كل زمان ما هو أصلح في التنظيم نتاجاً وأنجح في التقويم علاجاً. ثمّ إنّ الأستاذ جعل المنشأ لتغيير الأحكام أحد أمرين: أ: فساد الأخلاق وفقدان الورع وضعف الوازع، وأسماه بفساد الزمان. ب: حدوث أوضاع تنظيمية ووسائل فرضية وأساليب اقتصادية.