الظاهر انّه يريد من قوله: “امّا بالزمان والمكان والأشخاص فلا يتغير الحكم ” أنّ مرور الزمان لا يوجب تغيير الحكم الشرعي بنفسه، وأما إذا كان مرور الزمان سبباً لطروء عناوين موجبة لتغير الموضوع فلا شكّ انّه يوجب تغير الحكم وقد أشار إليه في ذيل كلامه. 8. السيد الإمام الخميني(1320 ـ 1409هـ) قال: إنّي على اعتقاد بالفقه الدارج بين فقهائنا وبالاجتهاد على النهج الجواهري، وهذا أمر لابدّ منه، لكن لا يعني ذلك انّ الفقه الإسلامي لا يواكب حاجات العصر، بل انّ لعنصري الزمان والمكان تأثيراً في الاجتهاد، فقد يكون لواقعة حكم لكنّها تتخذ حكماً آخر على ضوء الأُصول الحاكمة على المجتمع وسياسته واقتصاده. ([39]) وقد طرح هذه المسألة غير واحد من أعلام السنّة. 1ـ منهم ابن قيم الجوزية (المتوفى 751هـ) فقد عقد في كتابه فصلاً تحت عنوان “تغير الفتوى واختلافها بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأموال والنيات والعوائد”. يقول في ذيل هذا الفصل: هذا فصل عظيم النفع، ووقع بسبب الجهل به غلط عظيم على الشريعة أوجب من الحرج والمشقة، وتكليف ما لا سبيل إليه، ما يعلم انّ الشريعة الباهرة التي في أعلى رتب المصالح لا تأتي به، فانّ الشريعة مبناها وأساسها على الحِكَم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلّها، ورحمة كلّها، ومصالح كلّها، وحكمة كلّها، فكلّ مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة.([40]) 2ـ ومنهم: أبو إسحاق الشاطبي (المتوفى 790هـ) في الموافقات، قال: المسألة العاشرة: إنّا وجدنا الشارع قاصداً لمصالح العباد والأحكام العادية تدور معه حيثما دار، فترى الشيء الواحد يمنع في حال لا تكون فيه مصلحة فإذا كان فيه مصلحة جاز.([41])