والثقافية، ووقف في وجه محاولات جر الأمة إلى مواقع غير مواقعها، ولفت أنظار الأمة إلى الأخطار التي تعيشها، وإلى الانزلاقات التي يراد لها أن تقع فيها، واستطاع من خلال فقه المجتمع أن يعيد للأمة شخصيتها المفقودة وهويتها الضائعة، فانطلقت نحو اعادة الاعتبار لوزنها وحجمها وتأثيرها في العالم المعاصر. وبالجملة يمكن القول إن الإنجاز الفقهي عند الإمام الخميني المقدس تمثل أساساً بإعادة الإسلام ككل إلى مسرح الأحداث في العالم، وخصوصاً في مجال الفقه السياسي بالعموم، وأعاد الاعتبار لفقه الدولة والمجتمع، وأخرج الاجتهاد من الدائرة الضيقة التي سجنه فيها الفقهاء حتى عصره. ولذلك كله، يمكننا أن نعتبر أن زمن الإمام الخميني (ره) هو الفصل بين مرحلتين: مرحلة سابقة كان الفقه فيها يعاني من حالة الجمود والوقوف عند حد معين لا يتجاوزه، ومرحلة لاحقة نعيشها حالياً اتسع فيها نطاق الاجتهاد ليشمل كل مجالات حياة المسلمين. وهذا النوع من الفقه هو الذي أدى إلى تحريك الأمة نحو أهداف وغايات ومقاصد كانت قد انزوت بعيداً عن ساحة الاهتمام من جانب المسلمين، والأمل الأكبر الآن معقود على هذا النوع المتجدد من الفقه القادر، في حال بقيت الأمة ملتزمة به ومنطلقة منه، أن يصل بها ولو بعد زمن إلى الأهداف التي يتمناها كل مسلم على وجه الأرض، والتي يجمعها عنوان واحد كبير (الحكومة الإسلامية) التي تتخذ من القرآن دستوراً ونظام حياة. أركان التجديد في فكر الشّهيد الصدر السيد محمد باقر الصدر يعتبر من العلماء المجتهدين المجددين في هذا العصر وكان يمتلك أفقا رحبا في الرؤية الاجتهادية التجديدية والتجديد عنده بناءٌ يرتكز على أربعة أركان، وتلك الاركان الاربعة هي اللغة والاسلوب والمنهاج والفكر، لذا نجد السّيد الشّهيد (قدس سره) قد انفرد من بين علماء عصره بظاهرة مميزة تتمثل بان التجديد لديه لم ينحصر في بعد معين بل استوعب جميع أبعاده وثبت جميع