ومثل هذا الاجتهاد بنظر الإمام (قدس سره) هو الذي يمكن أن يدفع حركة الأمة نحو التقدم ومعالجة كل المسائل والمشكلات التي تطرأ، ومثل هذا الاجتهاد هو الذي يمكن أن يحرك الطاقات وأن يحمل الأمة على الابداع في مسيرتها وعملها للوصول إلى الأهداف المرجوة. ثالثاً: فقه المجتمع: من نتائج اقصاء الفقه السياسي عموماً عند الفقهاء الشيعة والفقه المرتبط بحركة المجتمع خصوصاً، أن أدى ذلك إلى انحسار دور علم الفقه واقتصاره على مستوى شؤون الفرد مع ربه ومع محيطه من خلال أحكامه الخاصة به، ولم نجد عند الفقهاء إلا الفقه الذي يحفظ دين الفرد بما هو فرد، وليس بما هو جزء من المجتمع والأمة، وهذا كان مرده إلى أن مقولة “عدم السعي في زمن الغيبة لإقامة الدولة” أدت إلى أن يقتصر الفقه في عملهم على استنباط الأحكام التي تحفظ شخصية الأفراد بما هم كذلك، ولم يرَ الفقهاء أن من واجبهم التصدي للمسائل والأحكام التي تتعلق بحركة المجتمع أو الأمة ككل، وهذا ما أدى إلى وجود فراغ كبير استغله القادة غير الإسلاميين وتصدوا لإدارة شؤون الأمة انطلاقاً من عقائدهم وخلفياتهم الفكرية البعيدة عن الإسلام شكلاً ومضموناً، وهذا ما أدى إلى ضياع أجيال متعددة، خصوصاً بعد الهجوم الفكري الغربي عموماً الذي رافق المراحل الاستعمارية والاستكبارية. أما الإمام الخميني المقدس الذي اعتبر أن الفقه المرتبط بحركة الأمة والمجتمع لا يقل أهمية عن فقه الفرد، إن لم يكن هو الأهم بنظره لأنه يحفظ شخصية الأمة وهويتها وسلامة توجهاتها ومسارها، وهذا له أولوية في حفظ شؤون الفرد كفرد، لأن حفظ الفرد بشخصه قد لا يؤدي إلى حفظ الأمة، بينما لو كانت شخصية الأمة محفوظة، فإن شخصية الفرد ستكون محفوظة أيضاً، لأن الأمة يمكن ان تصون شخصية الفرد والعكس هنا ليس بصحيح غالباً. من هنا، تصدى الإمام لفقه المجتمع في كل المجالات التي كان الفقهاء قد أغفلوها سابقاً كما في قضايا الحرب والسلم والشؤون السياسية والاقتصادية والإعلامية