حيث “يتحلل ” العالم المتهتك حينما يبتعد عن الأصالة الإسلامية ويعمل برأيه واجتهاده الشخصي بهدف التواؤم مع مقتضيات العصر. وحيث “يتحجّر ” الجاهل المتنسّك حينما يلتزم بالشريعة بطريقة حرفيّة بعيدة عمّا هو جوهر الشريعة، وسعتها، ومعالجاتها الشاملة لكل مشاكل العصر. اننا نستطيع ان نجمل نظرية أهل البيت (عليهم السلام) في مسألة التوفيق بين الأصالة والمعاصرة بعدة نقاط. النقطة الاولى: شمولية الشريعة حيث تؤكد نظرية أهل البيت (عليهم السلام) ان كل الوقائع البشرية وفىمختلف المجالات والمستويات الفردية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والاخلاقيّة والعباديّة… ان كل الوقائع البشرية لها حكم من الشارع المقدس، حيث لا نجد في الشريعة الإسلامية اي فراغ على مستوى التشريع، وعلى مدى الازمنة والعصور. وفي هذا المجال نقرأ نصوصاً عديدة للائمة من أهل البيت (عليهم السلام) تقول “ما من واقعةٍ إلا ولله فيها حكم حتى أرش الخدش ” ويبدو لمن يراجع هذه الاحاديث المتعددّة وطريقة عرضها للمسألة أنها كانت بصدد مواجهة بدايات فكر خاطىء يزعم ان هناك فراغاً فىالتشريع الالهى يدعونا ويضطرنا للعمل باجتهاداتنا الشخصيّة من أجل ملء ذلك الفراغ. ان نظرية أهل البيت (عليهم السلام) تؤكد بشكل قاطع وحامم أنه لا يوجد أى فراغ في الشريعة الإسلامية، ولعل هذا هو ما كان يشير إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالقول: “إنّه والله ما من عمل يقربكم من الجنة إلا وقد نبأتكم به وأمرتكم به، وما من عمل يقرّبكم من النار إلا وقد نبأتكم به ونهيتكم عنه ” تحف العقول. واذا كان ثمة حديث عن وجود “منطقة فراغ ” في التشريع متروكه إلى الفقهاء وأولي الأمر فان ذلك ليس في دائرة اصل التشريع وإنّما في دائرة التطبيقات التي