وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ـ(230)ـ ويخرج من الإطار القومي الضيق الذي حصره فيه اليهود، وليصبح الله سبحانه وتعالى كما أراد ربا لكل الناس لا لليهود وحدهم، ولكن المسيحية لظروف تاريخية معلومة لم تتوسع في تنظيم علاقات المجتمع، وإنّما اكتفت بما جاءت به التوراة وما وضعه الرومان من تشريع... كانت البشرية في حاجة إلى تعبير جديد عن تطرها، مما يحتاج الأمر معه إلى صياغة جديدة للفرد والمجتمع تعيد إليهما جميعاً التوازن والانسجام بما يحفظ للمجتمع تماسكه وتكافله، ويضمن للفرد حريته وتطوره، وكان الجديد الذي أتى به القرآن الكريم تعبيرا عن هذا الوضع الجديد، فأكمل رسالة سيدنا موسى وسيدنا عيسى ـ عليهما السلام بأن أدخل الدين في حياة المجتمع بحيث أصبح الدين هو الدنيا، وأصبحت الدنيا هي الواجهة الأخرى للدين» (1). إذ لم تتجلى الواقعية في فكر أو فلسفة أو ديانة سابقة بمثل ما تجلت في الفكر الإسلامي، ذلك لأنه «موجه أصلا لتعريف الإنسان المؤمن بخالقه وبنفسه وبمركزه في الوجود وبكونه خليفة في الأرض، يتعامل مع قوانينها المادية وحقائقها الموضوعية» (2). وتظهر هذه الواقعية بجلاء في نوعية تعامل هذا الفكر ومنهجيته مع طبيعة الإنسان وطبيعة الظروف التي تحيط بحياته على البسيطة، إذ لا يتم هذا التعامل إلا في حدود فطرته وطاقته واستعداداته التي يسرها الله سبحانه لـه وأودعها فيه بما يناسب حجمه ومقدرته، فلم يحمله مالا يحتمله، ولا يسوء به الظن، ولا يحتقر دوره في الأرض، ولا يهدر قيمته، كما ولا يرفعه إلى مقام الألوهية في أي جانب _________________________ 1 ـ الإسلام والثورة الحضارية: 53. 2 ـ الإسلام والتنمية الاجتماعية للدكتور محسن عبد الحميد: 30.