ـ(550)ـ النازل على أم موسى، والوحي النازل على مريم بنت عمران، فإنّ خاتمية النبوّة لا تقتضي أبداً انقطاعها، ولا يلزم استحالة نزول شيء منها. ولا حزازة في تسمية حديث الملائكة مع امرأة إبراهيم أو حديثها مع مريم وحياً، فإنّ القرآن الكريم أطلق اسم الوحي على أمثال هذه الموارد، بل على الإلهام والتقدير كما تقدّم في الشواهد القرآنية أوائل البحث. وكون إطلاق الوحي ينصرف إلى الرسالي منه لا يمنع من استعماله في غيره ممّا يصحّ في أصل اللغة إطلاقه عليه، والقرائن هي التي تعيّن المراد، ومن ثمّ فإنّ كان اصطلاحاً فلا مشاحّة في الاصطلاح. نعم، يمكن القول بأنّ الأولى والأفضل اجتناب التعبير بالوحي في كلامنا عن غير الوحي الرسالي، صوناً للوحي الرسالي المقدّس عن الاشتباه بغيره ودفعاً للالتباس، وبالفعل فقد اصطلح على مثل ذلك في السنّة الشريفة بالتحديث، وعبّر عن الذين تكلمهم الملائكة بالمحدَّثين، ولما كان حديث الملائكة وإيحاؤها يتمّ باليقظة وبالنوم على ما استفدناه من بعض النصوص المتقدّمة، فالمحدّث هو الذي تأتيه الملائكة وتحدّثه بأيّ حديث كان ولأيّ غرض من الأغراض في اليقظة والنوم، لكنّ الاصطلاح على ما يبدو خصّص في غير الأنبياء والرسل. المحدَّثون من هم؟ وردت النصوص من طرق أئمّة أهل البيت عليه السلام بتعريف المحدّث والفرق بينه وبين النبيّ، وعينت المحدّثين في هذه الأُمة. فقد سئل الباقر عليه السلام: "أيّ شيء المحدَّث؟ فقال: ينكت في أذنه فيسمع طنيناً كطنين الطست، أو يقرع على قلبه فيسمع وقعاً كوقع السلسلة على الطست، فسئل: أنّه نبيّ؟ قال: