السياحة بين البلدان الإسلامية. فسفرات المسلمين إلى البلدان غير الإسلامية واستضافة غير المسلمين في البلدان المسلمة، يمكن ان تكون بدورها ممارسات ذات ثمار طيبة. من زاوية ثقافية واتصالاتية، فإن السياحة، سواءً كانت بين بلدان مسلمة، أو بينها وبين بلدان أخرى، وسواءً ساح المسلمون في بلدان غيرهم، أو استضافوا غيرهم في بلدانهم، يمكن أن تكون لها مردودات وفاعليات دينية على درجة عالية جداً من الأهمية. إن إزدهار حركة السياحة بين الأقطار المسلمة، وزيارة السياح المسلمين لمجتمعات إسلامية أخرى، من شأنه تعريف المسلمين ببعضهم وبالمشكلات والسمات الثقافية للمجتمعات المسلمة، والوعي بنقاط الإشتراك والإفتراق بين الثقافات التي نعرفها إجمالاً بإسم " الثقافة الإسلامية ". وهذا بدوره يساعد كثيراً في مد الجسور والإتحاد بين المسلمين وإحياء مفهوم الأمة الإسلامية من جديد. من جانب آخر، يمكن لأسفار السياح المسلمين إلى البلدان غير الإسلامية أن تكون بهدف تعريف غير المسلمين بأسس ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف، وإيضاح تعاليمه السامية لهم، وبالتالي الدعوة للإسلام، لا سيما بالإسلوب غير المباشر، وعن طريق التعايش مع الناس وعرض السلوك والتعامل الإسلامي، وهو اسلوب ذو تأثيرات أوسع وأرسخ. وبالرغم من أن الفقه في الدين، والتخصص فيه مهمة فئة خاصة من المسلمين كما تشير آية النفر الكريمة: "وما كانَ المؤمنونَ لينفُروا كافةً فلولا نفرَ مِن كلِّ فِرقةٍ منهُم طائفة ليتفقَّهوا في الدينِ وليُنذِروا قومَهم إذا رجعُوا إليهم لعلَّهم يحذَرونَ " (التوبة /122)، إلاّ أن هذا لا يلغي أعباء المسؤولية عن كاهل من يستطيع بأي شكل من الأشكال وبحكم ظروفه التي يعيشها أن ينهض بالدعوة إلى دين الله، خصوصاً وان هؤلاء الأشخاص وبسبب موقعهم غير الرسمي وغير المعلن يستطيعون عبر نفوذ أعمق إلى المجتمع المخاطب من ناحية، واستثمار فرص الحرية الأوسع التي قد لاتتوفر احياناً للمبلغين الرسميين من ناحية أخرى، يستطيعون ممارسة التبليغ للدين بفاعلية وتأثير اكبر. وبنظرة إجمالية لما أورثنا اياه قائد الثورة الإسلامية الكبير سماحة الإمام الخميني ( قدس سره الشريف )، وبغض النظر عن السياح، يبدو انه يقصد اصل هذا الإستنتاج حينما يحمّل مسؤولية تبليغ الدين، واشاعة الثقافة، وبيان مفاهيم الثورة بالمعنى الأخص، جميع الذين يعيشون بنحو من الأنحاء ظروف التواصل الثقافي وتتاح لهم فرص التبليغ. يقول مؤسس الجمهورية الإسلامية في لقاء له بالرياضيين: "إنكم باخلاقكم الحسنة وبسلوككم وبتصرفاتكم ستصدرون المنحى الإسلامي للجمهورية الإسلامية إلى الخارج ان شاء الله" ( الإمام الخميني، 1986، ص 25 ).