ويقول أيضاً على النحو الإجمالي في لقائه بالمشاركين في مؤتمر المجالس: "فضلاً عن الزيارات الرسمية، لابد لنا من زيارات غير رسمية. في الزيارات غير الرسمية وفقط تستطيعون الإتصال بالناس العاديين في الأحياء والأسواق لكي تنوروهم. إن تواجدكم المتحرر من كل الرتوش والتنميقات بين اظهر الناس اكثر جاذبية وانفع لمهمتكم التبليغية" (الإمام الخميني، 1986، ص 190 ). على أن النقطة التي يبدو أنها اغفلت لحد الآن، هي الفاعليةالدينية للحالة الثالثة المطروحة للسياحة في هذه السطور، أي إستقبال السياح غير المسلمين داخل المجتمع الإسلامي. إن تصورنا الشائع للتبليغ الديني، هو تواجد شخص نسميه المبلغ وسط مجتمع يريد تبليغه. ورغم أن هذا الاسلوب التبليغي لعب طوال التاريخ الإسلامي دوراً بارزاً ومميزاً، ولكن يمكن بموازاته رصد حركة تبليغية مؤثرة ولكن خفية إلى حدٍ ما واصلت حياتها وفعلها على إمتداد تاريخ الدين الحنيف. إن حالة تواجد مخاطبي التبليغ داخل المجتمع الإسلامي،علاوة على تمتعها بسـمات التبليـغ الدارج، فإنها تضع المتلقي أو المخاطب في مناخ له قدرة فائقة على عرض التجانس بين مختلف عناصر المجتمع الإسلامي بجوار بعضها. ففي هذه الحالة سيغدو كل واحد من المسلمين مبلغاً دينياً بلسانه وسلوكه، وليس هذا فحسب بل إن كافة مظاهر المجتمع سوف تهرع لمساعدتهم. ويمكن ملاحظة هذا اللون من التبليغ في حالة أسرى الحرب الذين عاشوا بين المسلمين كعبيد وإماء خلال فترات من التأريخ الإسلامي. أسرى الحرب الذين كانوا بمشاركتهم في الحروب مظهراً للصد عن انتشار الإسلام، يقضون وفق هذه السياسة دورة تبليغية متألقة بين ظهراني عائلة مسلمة فيطلعون على تعاليم الإسلام بشقيها النظري والعملي، ثم يحررون واحداً تلو الآخر بذرائع مختلفة مسنونة في الأحكام الإسلامية، والبعض منهم يعودون مبلغين أكفاء إلى مجتمعاتهم الأولى يدعونهم إلى الإسلام. وفيما يتعلق بالسياحة أيضاً يتسنى التطلع لمثل هذه الفاعلية عبر رسم خطط مدروسة. إلى جانب هذه المسألة، ونظراً لأهمية الأنماط السياحية الثلاثة، يبدو تنظيم رحلات للإيرانيين إلى الخارج في الإطار الذي تم إيضاحه، وتشجيع المواطنين على السياحة الداخلية، ضرورياً ومهماً بنفس درجة استقطاب السياح من بلدان أجنبية. بل ربما كانت زيادة أسفار الإيرانيين في داخل البلاد، وارتفاع قدرات تواصلهم الثقافي مع أبناء وطنهم، تساعد في تمتين البنى التحتية وتنضيج الإدارة السياحية، فضلاً عن إسهامها الأساسي في تصحيح نظرة الناس للسياحة والسياح الأجانب الذين كانوا دائماً ومن منظور تأريخي عام، رسل النهب والتغريب في