الإسلامية وتكون منظومة الشعب - الدولة. فإذا نشد المسلون اليوم إحياء حضارتهم الإسلامية، فلا مندوحة أمامهم سوى تطوير الإتصالات فيما بينهم بشتى صنوفها الممكنة ومنها السياحة المنبثقة من النموذج الإسلامي دون النموذج الغربي. لو اعتبرنا تركيز عملية التقبل الثقافي واتجاهها، تابعين للظروف الأربعة الثقافية، والإتصالاتية والإقتصادية والجغرافية التي يعيشها السياح والمجتمع المضيف قبالة بعضهم، فمن المناسب جداً في نطاق التخطيط الثقافي للجمهورية الإسلامية في قطاع السياحة الرامي إلى اجتذاب السياح وايفادهم، أن نبدأ من البلدان التي نستشعر قرباً أكبر معها على هذه الصعد الأربعة، وعلى رأسها البلدان التي ارتضت لنفسها إسم الإسلام. وبما أن القضايا الدينية والثقافية، والخوف من الآثار التخريبية للسياحة على الميدان الثقافي، من أبرز هموم المسلمين، بل وكافة المجتمعات المهتمة بصيانة ثقافتها وهويتها الثقافية والتاريخية، يبدو من الجدير القاء نظرة على الظروف والأوضاع المذكورة بتوكيد خاص على موضوع السياحة بين البلدان الإسلامية. القسم المشترك الأهم بين هذه البلدان، هي الثقافة الإسلامية وعلى رأسها القرآن الكريم. وهذه القرابة والمشتركات الثقافية تعمل فضلاً عن تسهيل العملية المذكورة، على صيانة المجتمعات المسلمة من مضاعفات السياحة إلى حد كبير. إن بوسع المسلمين عن طريق تنمية الإتصلات فيما بينهم على أساس الهوية الإسلامية الواحدة، أن يقطعوا خطوات متسارعة على سبيل التعارف المتبادل والعميق فيما بينهم، ومسح أدران قرون طويلة من التباعد والإنفصال، كما بمقدورهم التعرف على ما تبقى من مظاهر الحضارة الإسلامية العظيمة الإنسانية وصولاً إلى وعي صحيح لهويتهم المشتركة، وعهود عزتهم وجلالهم المرتكن على قاعدة الوحدة والأمة الإسلامية، بل باستطاعتهم عبر التعمق في شتى الأوجه الثقافية لسائر الشعوب المسلمة، الوقوف على الجوانب المنسية من ثقافتهم الخاصة. وحقاً، ماذا غير هذا الجهل بالذات وبالآخرين، كان عاملاً في فصل المسلمين قروناً طويلة عن بعضهم، وأفضى تالياً إلى تمزقهم وهزيمتهم وتخلفهم على الساحة الدولية؟ على المستوى الإتصالي، بمستطاع اللغة العربية المنسية أن تلعب دوراً استثنائياً في خلق هـذا التقارب والإتـحاد. ومع أن اللغة العربية - بشكلها الحصري أو بالإشتراك مع باقي اللغات - لا تستخدم ولا تفهم اليوم إلا من قبل خمس المسلمين، بيد أنها بسبب ارتباطها بالروح المبثوثة في جسد المسلمين والحضارة الإسلامية، أي القرآن الكريم، مضافاً إلى رواجها في المراسم والعبادات الإسلامية المختلفة، تمتلك قدرة فائقة على أن تصبح لغة المسلمين المشتركة في كافة أرجاء العالم، والتي