إن جماعية السياحة وصيرورة العلاقات شيئاً بين الأفراد ذوي الصلة بهذه العملية الإتصالية في معظم جوانبها، تركت آثارها على كافة العناصر المكونة للسياحة. فعلى مستوى السياح، يعد تكون السياح العامِّين بصفتهم أضخم الشرائح السائحة عدداً، نتيجة طبيعية لهذا الأمر. السياح العامون من أقل الفئات السائحة اتصالاً وأضعفها ارتباطاً. فهم قلما يتنبهون إلى الظروف التي تحيط بهم في المجتمع المضيِّف، وعند المغادرة، لا يتركون عن أنفسهم سوى الخراب والأضرار. مضيِّفو السياحة الجماعية بدورهم كثيرو التعامل مع السياح، ما يفقدهم تدريجياً محفزاتهم على الإتصال، ويخفض مستوى حسن الضيافة بينهم شيئاً فشيئاً. وبدخول الشركات السياحية إلى الساحة سنواجه مشكلة أخرى أشرنا إليها فيما سبق. فهذه الشركات المضيِّفة تصنع صوراً نمطية للمجتمع والعالم تحول دون احتكاك حقيقي للسائح بثقافة المضيِّف. وعلى مستوى عنصر المحفزات، تقوم هذه الفئة (الشركات) أيضاً بإثارة محفزات كاذبة لدى السياح، واختراع محفزات جديدة ترتكز إلى الوضع المتوتر في المجتمع العام لتحلها محل حوافز الإتصال المنتج، مما يؤجج نيران هذا الإتصال أكثر من ذي قبل. وبالنسبة للجماليات والمعالم السياحية ينبغي القول أن هدية السياحة العامة للمعالم السياحية ليست سوى تخريب التراث الطبيعي والثقافي للبشرية. إن تشديد السياحة العامة على أنماط معينة من المعالم، والتدفق الهجومي العارم للسياح صوب هذه الأرصدة القيمة، إلى جانب فقدان المحفزات لإقامة نوع خاص من الإتصال يتسم باحترام السياح للمعالم، هي بمجملها الأسباب الرئيسة لهذا التخريب الهمجي. يكتب أحد الباحثين المعاصرين واصفاً السياحة العامة في العالم الراهن مقارنةً بالسياحة في العهود الماضية: "السائح زائر اليوم.. يريد أن يتعلم ويطلع ويكون له موضوع للحوار. السائح هو سيد الحضارات المطلق. المتاحف تشيد من أجله، والفنادق تبنى لإجله، والمعابد تعرض لإجله، والمقدسات تنزل من عرشها لإجله. يحاول السائح أن يحصل على كل شيء بأسرع وقت. يريد أن يرى بسرعة، وينتفع، ويأخذ ويعود إلى بيته. لا تتسع أعصابه للتتلمذ والتعلم وانتظار تفتح الأزهار كشرط من شروط نضج الثمار في صمت الطبيعة. السائح متسرع لأنه مشتت… إنه مشتت كغبار الإرادات والمطامح المتناقضة.