الأخيرة التي أعقبت أحداث الحادي عشر من أيلول إن هذه الدراسة تنطلق من أسس "علم الإجتماع العالمي" (كوهين وكنيدي، 2000) لاستقراء الإتجاهات السائدة على العالم وعلاقتها بالدين، فمطالعة التغييرات الكبيرة التي شهدها النصف الثاني من القرن العشرين تصبح في دائرة الإمكان من خلال زاوية علم الاجتماع العالمي، التغييرات الكبيرة كانهيار الإتحاد السوفييتي وجدار برلين (غيدنز، 1999) وبزوغ شمس الجمهورية الإسلامية في إيران ونمو الصحوة الإسلامية في مختلف أنحاء العالم (عاملي، 2000) وظهور المسيحيـة ذات النزعة العالمية مجدداً (هانز، 2002) وتبلور النهضات والحركات الإجتماعية في إطار نظرية المساواة بين الجنسين وحماية البيئة وتأييد السلام ومعارضة الحرب؛ كلها نماذج واضحة لتغييرات أساسية حدثت في ظل العولمة ثم إن فكرة النزعة العالمية التي ظهرت كنموذج لتنمية ثقافية وسياسية واقتصادية، تمثل هي الأخرى مفهوماً يمكن دراسته بواسطة أسلوب علم الاجتماع العالمي، وفي الحقيقة سيكون لهذه الفكرة آثار مهمة في تجلي ونمو الجانب الفكري والعيني للغرب المضخم والشرق المضخم. 1ـ غربنة وشرقنة العالم إن الفرضية التي تشكل محور المقال هي أن " العولمة المطلقة "(1 ) بصفتها كمحصلة موحدة، تعد نظرة أسطورية وخيالية بحتة للعولمة فلا هي قائمة على شواهد عينية ولا هي خاضعة للمنطق فهاهي "عولمات أشياء كثيرة"(2 ) باتت تتبلور في أنحاء العالم (برغر وهانتينغتون(3 )، 2000) حيث تمثل عملية تغريب العالم وشرقنة العالم أهم محاور حلقات العولمة. يراد من الشرق هنا رمز العودة إلى السنن والمعنى والنزعة المعنوية فيما الغرب هنا رمز للعصرية والحداثة ومحصلة تشديد النزعة المادية والإستهلاكية. هيغل يؤكد على نقطة مفادها أن التأريخ العام انتقل من الشرق إلى الغرب.. هذه الرؤية تثير علامات السؤال حول أساس فكرة اعتبار القرن العشرين على أنه قرن "سيطرة الغرب على العالم". ويعمد دي سوزا سانتوس(4 ) (2001) إلى تحليل التأريخ المعاصر وتحليل رأي معارضي العولمة على أساس وجهة نظر هيغل. إنه يفصل بين عولمتين؛ عولمة الهيمنة والسلطة وعولمة تبحث عن تحديد مبادئ المساواة والتمييز. إنه ينظر للتمييز والتباينات على أنها أساس النزعة السلطوية والفوقية. ومن الزاوية الفلسفية والدراسات والتجارب العلمية للمجتمع البشري، هناك نوع من تيار الشرقنة يسير بموازاة تيار التغريب. بوتاماكي(5 ) (2002) يذهب إلى امتزاج الرؤى الفلسـفية للغرب والشرق في مرحلة العولمة ويعتبر العصـر الراهن "بداية النهاية للتسلط