ما إذا قتل جماعة بعضهم عمدا وبعضهم خطأ فإنه يلزمه القصاص لمن قتله عمدا وإن كان واحدا .
وحجتنا في ذلك أن العشرة إذا قتلوا واحدا يقتلون به وكانوا مثلا له جزاء لدمه فكذلك إذا قتل واحدا يقتل بهم ويكون مثلا لهم لأن المثل اسم مشترك فمن ضرورة كون أحد الشيئين مثلا للآخر أن يكون الآخر مثلا له كاسم الأخ فإن من ضرورة كون أحد الشخصين أخا للآخر أن يكون الآخر أخا له فلا يجوز أن يقال يلزمهم القصاص لرد غلة القتل بغير حق من غير اعتبار المماثلة فإن الزيادة في القدر أبلغ من الزيادة في الوصف وإذا كان لا يقتل المسلم بالمستأمن وعلى قوله بالذمي والحر بالعبد لانعدام المماثلة مع الحاجة إلى رد القتل عليه بغير حق فلأن لا يقتل العشرة بالواحد أولى .
وكذلك في كل موضع يتعذر اعتبار المماثلة نحو كسر العظام لا يوجب القصاص والحاجة إن رد عليه الجناية ها هنا بغير حق يتحقق هنا ومع ذلك يوهم الزيادة بمنع القصاص فتحقق الزيادة لأن يمنع من ذلك كان أولى فعرفنا أنه إنما يقتل العشرة بالواحد بطريق المماثلة .
وبيان ذلك وهو أن القتل مما لا يتجزأ وإذا اشترك الجماعة فيما لا يحتمل التجزي فإما أن ينعدم أصلا أو يتكامل في حق كل واحد منهم .
والدليل عليه أن كل واحد منهم لو حلف أن لا يقتله كان حانثا في يمينه بهذا الفعل ولا يجب إلا بوجوب كمال الشرط وفي الخطأ يجب على كل واحد منهم الكفارة كاملة ولا تجب الكفارة إلا بقتل كامل فأما الدية بمقابلة المحل فلصيانته عن الإهدار لا أن يكون ذلك جزاء الفعل والمحل واحد فلا يجب بمقابلته إلا دية واحدة والدليل عليه أن القتل يخرج ببعضه زهوق الروح لأن الروح لا يمكن أخذه حسا فطريق أثرها فيه قصدا هذا وقد تحقق من كل واحد منهم والحكم إذا حصل عقيب علل يضاف جميعه إلى كل علة فيجعل زهوق الروح محالا به على فعل كل واحد منهم فكان كل واحد منهم قاتلا على سبيل الكمال بمنزلة الأولياء في التزويج بتكامل الولاية لكل واحد منهم وفي هذا المعنى القتل الذي هو عدوان والقتل الذي هو جزاء سواء فإن الأولياء إذا اجتمعوا وقتلوا كان كل واحد منهم قاتلا بكماله .
والدليل عليه أن فيما هو المقصود بالقتل وهو التشفي والانتقام لا فرق بين الجزاء والعدوان وهو يتكامل لكل واحد من الأولياء كما يتكامل لكل واحد من العبدين فعرفنا أن كل واحد منهم مستوف حقه بكماله فلا حاجة إلى المصير إلى الدية .
وبه فارق النكاح فإن المرأة لو زوجت نفسها من جماعة لا يثبت النكاح لكل واحد منهم على هذه المرأة لأن المقصود الفراش والنسل وذلك ينعدم بالاشتراك فلا يتكامل لكل واحد منهم