( 46 ) أخرج ابن جرير ، عن أنس، قال: نزل القرآن بالمسح، والسنّة بالغسل وقال ابن عباس: أبى الناس إلاّ الغسل، ولا أجد في كتاب اللّه إلاّ المسح (1) ويريد من السنّة عمل النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قبل نزول القرآن، ومن المعلوم أنّ القرآن حاكم وناسخ. وبهذا يمكن الجمع بين عمل النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وبين ظهور الآية في المسح، وأَنّ الغسل كان قبل نزول الآية. ونرى نظير ذلك في المسح على الخفين، فقد روى حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي أنّه قال: سبق الكتاب الخفين. وروى عكرمة عن ابن عباس، قال: سبق الكتاب الخفين. ومعنى ذلك انّه لو صدر عن النبي في فترة من عمره المسح على الخفين، فقد جاء الكتاب على خلافه فصار ناسخاً له حيث قال: (وامسحوا بروَوسكم وأرجلكم) أي امسحوا على البشرة لا على النعل ولا على الخف ولا الجورب (2) القرآن هو المهيمن: إنّ القرآن الكريم هو المهيمن على الكتب السماوية وهو ميزان الحق والباطل، فما ورد في تلك الكتب يوَخذ به إذا وافق القرآن الكريم ولم يخالفه. قال سبحانه: (وَأنزَلْنا إلَيْكَ الكتابَ بالحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَينَ يَدَيهِ مِنَ الكِتابِ ومُهَيمِناً عَلَيهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِما أنزَلَ اللّهُ ولاَ تَتَّبِع أهواءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الحَقّ) (المائدة ـ 48). ____________ 1 . الدر المنثور: 3|29. 2. عبد اللّه بن أبي شيبة: المصنف: 1|213، باب من كان لا يرى المسح، الباب 217.