( 45 ) أخرج أحمد وأبو عبيد في فضائله، والنحاس في ناسخه، والنسائي وابن المنذر والحاكم وابن مردويه، والبيهقي في سننه عن جبير بن نفير، قال: حججت، فدخلت على عائشة، فقالت لي: يا جبير تقرأ المائدة؟ قلت: نعم، فقالت: أما أنّها آخر سورة نزلت، فما وجدتم فيها من حلال فاستحلّوه، وما وجدتم فيها من حرام فحرّموه. وأخرج أبو عبيد، عن ضمرة بن حبيب وعطية بن قيس، قالا: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) المائدة من آخر القرآن تنزيلاً، فأحلّوا حلالها وحرّموا حرامها. وأخرج الفريابي وأبو عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي ميسرة، قال: في المائدة ثماني عشرة فريضة ليس في سورة من القرآن غيرها، وليس فيها منسوخ، وعدّ منها قوله: (وإذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا). وأخرج أبو داود والنحاس كلاهما في الناسخ، عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل، قال: لم ينسخ من المائدة شيء. وأخرج عبد بن حميد قال: قلت للحسن: نسخ من المائدة شيء؟ قال: لا (1) كلّ ذلك يدل على أنّ سورة المائدة آخر سورة نزلت على النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ، فيجب العمل على وفقها وليس فيها أيّ نسخ. وما ربّما يتصور أنّ عمل النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ناسخ، لمفاد الآية، خطأ واضح تردّه هذه النصوص، ولو ثبت أنّ النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) غسل رجليه في فترة من الزمن، فالآية ناسخة له؛ ولعلّ الاختلاف بين المسلمين في حكم الاَرجل نشأ نتيجة ذلك، فكان النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ـ حسب هذا الاختلاف ـ يغسل رجليه، ورآه بعض الصحابة وحسبه حكماً ثابتاً وأصرّ عليه بعد نزول الآية الناسخة لما هو المفهوم من عمله. ____________ 1 . السيوطي، الدر المنثور: 3|3 ـ4.