( 44 ) ثالثاً: اتفقت الاَُمّة على أنّ سورة المائدة آخر ما نزلت على النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وانّها لم تنسَخْ آية منها، وستوافيك كلمات العلماء في ذلك المضمار، فكيف تكون آية الوضوء التي نزلت في آواخر عمره (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) منسوخة؟! رابعاً: انّ ما زعمه ناسخاً من حديث "ويل للاَعقاب من النار" انّما ورد في غزوة من غزوات النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) كما نقله ابن حيان الاَندلسي في تفسيره(1) ومن المعلوم أنّ النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لم يغز بعد تبوك التي غزاها في العام التاسع من الهجرة، وقد نزلت سورة المائدة في آواخر العام العاشر أو أوائل العام الحادي عشر، فكيف ينسخ القرآن المتأخر بالسنّة التي حدّث عنها النبي قبل نزول الآية. فقد أخرج الطبراني في الاَوسط، عن ابن عباس أَنّه قال: ذكر المسح على القدمين عند عمر وسعد وعبد اللّه بن عمر، فقال عمر: سعد أفقه منك. فقال عمر: يا سعد إنّا لا ننكر أنّ رسول اللّه مسح (أي على القدمين) ولكن هل مسح منذ أُنزلت سورة المائدة فإنّها أحكمت كل شيء وكانت آخر سورة نزلت من القرآن إلاّ براءة (2). فيظهر من هذا الخبر أنّ النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) كان يمسح على القدمين باعتراف عمر ، ويظهر أيضاً أنّ سورة المائدة آخر السور نزولاً، وانّها محكمة لم تنسخ آياتها، وقد ذكرنا بأنّ الآية على قراءة الجر والنصب تدل على لزوم المسح للرجلين كالرأس. دراسة مكانة سورة المائدة من بين السور : إنّ سورة المائدة هي آخر سورة نزلت على النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ، فقد ____________ 1 . تفسير البحر المحيط: 3|434. 2. الدر المنثور: 3|29.