( 42 ) ولم يذكر أي شاهد على قوله، وما اضطره إلى ذلك سوى محاولة فرض مذهبه على القرآن. ولو سلّم جواز الفصل فهو يختص فيما إذا كان هناك أمن من الالتباس. وثالثاً: أنّ تفسير قراءة الجر بالعطف على ظاهر (برءُوسكم) أمر لا سترة فيه، وأمّا تفسير قراءة الجر عن طريق العطف بالجوار أمر غير مقبول، لاَنّ العطف بالجوار أمر شاذ، ولو صح فإنّما هو فيما إذا لم يورث التباساً، والقول به في الآية يوجب الالتباس . والشاهد هو كلام الجصاص حيث تحيّـر في فهم ما هو المراد من الآية وما هذا إلاّ لاَجل تفسير الخفض بالجوار ، فلم يجد بدّاً من اللجوء الى الاحتياط والقول: بأنّ الغسل يشمل المسح أيضاً. 2. اجتهاد ابن حزم: قال ابن حزم (المتوفّـى 456 هـ): وممّا نسخت فيه السنّةُ القرآنَ، قوله عزّ وجلّ: (وامسحوا برءُوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) فإنّ القراءة بخفض أرجلكم وفتحها كليهما لا يجوز إلاّ أن يكون معطوفاً على الروَوس في المسح ولابد، لاَنّه لا يجوز البتة أن يحال بين المعطوف والمعطوف عليه بخبر غير الخبر عن المعطوف عليه، لاَنّه إشكال وتلبيس وإضلال لا بيان، لا تقول: ضربت محمداً وزيداً، ومررت بخالد وعمراً، وأنت تريد أنّك ضربت عمراً أصلاً، فلمّا جاءت السنّة بغسل الرجلين صح أنّ المسح منسوخ عنهما. وهكذا عمل الصحابة (رض) فانّهم كانوا يمسحون على أرجلهم حتى قال (عليه السّلام): ويل للاَعقاب والعراقيب من النار وكذلك قال ابن عباس: نزل القرآن بالمسح (1). ____________ 1 . ابن حزم الاَندلسي: الاَحكام: 1|510 .