( 41 ) خلافه، ولا جائز أيضاً أن يكون المراد أحدهما على وجه التخيير إذ ليس في الآية ذكر التخيير ولا دلالة عليه وإذا انتفى التخيير والجمع لم يبق إلاّ أن يكون أحدهما لا على وجه التخيير فاحتجنا إلى طلب الدليل على المراد منهما، فالدليل على أنّ المراد الغسل دون المسح، اتفاق الجميع على أنّه إذا غسل فقد أدّى فرضه وأتى بالمراد وأنّه غير ملوم على ترك المسح فثبت أنّ المراد الغسل. (1) يلاحظ عليه: أوّلاً: أنّه سبحانه في هذه الآية بصدد بيان ما هو الواجب على المصلّـي عند القيام إلى الصلاة، فمقتضى المقام أن تكون الآية واضحة المعالم، مبينّة المراد، غير محتملة إلاّ لمعنى واحد والحكم على الآية بالاِجمال أمر لا يحتمله المقام وإنّما حداه إلى القول بالاِجمال إخضاع الآية لمذهبه وهو غسل الاَرجل، ولو نظر إلى الآية نظرة مجرّدة عن كل فكر مسبق لوقف على أنّها غير مجملة لا تحتمل إلاّ معنًى واحداً. وثانياً: أنّ تفسير قراءة النصب بالعطف على المحل أمر رائج، وقد استشهد بالشعر وكان عليه أن يستشهد قبله بالقرآن الكريم (التوبة ـ 3) كما سيأتي، ولكن تفسير النصب بالعطف على وجوهكم تفسير خاطىَ إذ لازمه الفصل بين المتعاطفين بجملة أجنبية، وأين العطف على المحل من هذا الاِشكال . والعجب من أبي البقاء (المتوفّـى 616 هـ) حيث ادّعى جواز الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بجملة أجنبية، وقال: وذلك جائز في العربية بلا خلاف . (2) وما أبعد بينه وبين ما نقله أبو حيان في ذلك المجال كما سيوافيك. ____________ 1 . أحكام القرآن: 2|346. 2. التبيان في إعراب القرآن: 1|422.