( 34 ) بينهما. وهو قول الناصر للحق، من أئمّة الزيدية. وقال الحسن البصري، ومحمد بن جرير الطبري: المكلف مخيّـر بين المسح والغسل. حجّة من قال بوجوب المسح مبني على القراءتين، المشهورتين في قوله: (وأرجلكم) فقرأ ابن كثير وحمزة وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر عنه "بالجر"، وقرأ نافع وابن عامر وعاصم في رواية حفص عنه "بالنصب"، فنقول: أمّا القراءة بالجر فهي تقتضي كون الاَرجل معطوفة على الروَوس، فكما وجب المسح في الرأس فكذلك في الاَرجل. فإن قيل: لم لا يجوز أن يقال: هذا كسر على الجوار كما في قوله: "جحر ضب خرب". وقوله: "كبير أناس في بجاد مزمل"؟ قلنا: هذا باطل من وجوه: الاَوّل: أنّ الكسر على الجوار معدود من اللّحن الذي قد يتحمل لاَجل الضرورة في الشعر، وكلام اللّه يجب تنزيهه عنه. و ثانيها: أنّ الكسر إِنّما يصار إليه حيث يحصل الاَمن من الالتباس، كما في قوله: "جحر ضب خرب"، فإنّ من المعلوم بالضرورة أَنّ "الخرب" لا يكون نعتاً "للضبّ" بل للجحر، وفي هذه الآية الاَمن من الالتباس غير حاصل. وثالثها: أنّ الكسر بالجوار إِنّما يكون بدون حرف العطف، وأمّا مع حرف العطف فلم تتكلم به العرب. وأمّا القراءة بالنصب فقالوا ـ أيضاً ـ: إنّها توجب المسح. وذلك لاَنّ قوله: (وامسحوا برءُوسكم) فروَوسكم في محل النصب، ولكنّها مجرورة بالباء، فإذا عطف الاَرجل على الروَوس، جاز في الاَرجل، النصب عطفاً على محل الروَوس، والجر عطفاً على الظاهر، وهذا مذهب مشهور النحاة.