( 17 ) المختلفة وانّ المغسول بعض المراتب لما جاءت بلفظة "إلى" فالاِتيان بها لاَجل تحديد المقدار المغسول من اليد. وعلى الثاني، أي إذا قلنا بكونه قيداً للاَمر بالاغتسال، فربّما يوحي إلى ضرورة الابتداء من أُصول الاَصابع إلى المرفقين، فكأنّه سبحانه قال: "الاَيدي" اغسلوها إلى المرافق. ولكن لا يخفى ما في هذا الاِيحاء من غموض، لما عرفت من أنّ المتّبع في نظائر هذه الاَمثلة ما هو المتعارف وهو الابتداء من الاَعلى إلى الاَسفل. أضف إلى ذلك: أنّه لو سلمنا أن حرف الجر قيد للفعل، لا نسلم أنّه بمعنى "إلى" الذي هو لانتهاء الغاية، بل يحتمل أن يكون بمعنى "مع" أي الاَيدي اغسلوها مع المرافق، وليس هذا بعزيز في القرآن والاَدب العربي. يقول سبحانه: (ولا تأكُلوا أَمْوالَهُمْ إلى أَمْوالِكُمْ) (النساء ـ 2). وقال سبحانه ـ حاكياً عن المسيح ـ: (فَلَمّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُم الكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصَاري إلى اللّهِ) (آل عمران ـ 52) أي مع اللّه. وقوله سبحانه: (وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ) (هود ـ 52) أي مع قوتكم. ويقال في العرف: ولى فلان الكوفة إلى البصرة، أي مع البصرة، وليس في هذه الموارد من الغاية أثر. وقال النابغة الذبياني: ولا تتركني بالوعيد كأنني إلى * الناس مطليّ به القار أجرب أراد مع الناس أو عند الناس.