( 16 ) من أعلى إلى أسفل، فمثلاً إذا قال الطبيب للمريض: اغسل رجلك بالماء الفاتر إلى الركبة، يتبع المريض ما هو المتداول في غسل الرجل عند العرف، وهو الغسل من أعلى إلى أسفل. أو إذا قال صاحب الدار للصبّاغ، أصبغ جدران هذه الغرفة إلى السقف، فيتبع الصبّاغ ما هو المألوف في صبغ الجدران من الاَعلى إلى الاَسفل ولا يدور بخلده، أو بخلد المريض من أنّ مالك الدار أو الطبيب استخدم لفظة "إلى" لبيان انتهاء غاية الصبغ والغسل عند السقف والرجل بل لتحديد المقدار اللازم لهما . وأمّا كيفية الغسل فمتروك إلى ما هو المتّبع والمتداول في العرف، وهو ـ بلا ريب ـ يتبع الاَسهل فالاَسهل، وهو الابتداء من فوق إلى تحت، وما هذا إلاّ لاَنّ المتكلّم بصدد تحديد العضو المغسول، وهو اليد مع قطع النظر عن كيفية الغسل من حيث الابتداء والانتهاء ، فإذا كان هذا هو المفهوم، فليكن الاَمر كذلك في الآية المذكورة من دون أن نتكلّف بشيء من الوجوه التي يذكرها المفسرون في تأييد أحد المذهبين. نعم، إنّ أساس الاختلاف في الابتداء بالمرفقين إلى أُصول الاَصابع أو بالعكس عندهم إنّما هو في تعيين متعلّق "إلى" في الآية الكريمة، فهل هو قيد "للاَيدي" أي المغسول، أو قيد للفعل أعني: "واغسلوا" ؟ فعلى الاَوّل تكون الآية بمنزلة قولنا: "الاَيدي إلى المرافق" يجب غسلها، وإنّما جاء بالقيد لاَنّ اليد مشترك تطلق على أُصول الاَصابع والزند والمرفق إلى المنكب، ولما كان المغسول محدداً إلى المرافق قُيّدت اليد بقوله "إلى المرافق"، ليفهم أنّ المغسول هو هذا المقدار المحدد من اليد ولولا اشتراك اليد بين المراتب