العُنْقُ بالضّمِّ وقال سيبَويْه : هو مُخفَّف من العُنُق بضمّتَيْن . وقولُه : كأمير وصُرَدٍ لم يذكُرهما أحدٌ من أئِمّة اللُغَة فيما رأيتُ غير أنّي وجدْتُ في العُباب قال - في أثناءِ التّركيب - : والعَنيقُ : العَنَق فظنّ المُصنّفُ أنه العُنُق بضمّتين وليس كذلِك بل هو العَنَق محركةً بمعنى السّيْرِ ولكنّ المصنِّفَ ثِقَةٌ فيما ينقُله فيَنبَغي أن يكون ما يأتي به مقْبولاً : الجِيدُ وهو وُصْلَةُ ما بين الرأسِ والجَسَد وقد فرّق بين الجِيد والعُنُق بما هو مذْكور في شرْح الشّفاءِ للخَفاجيّ فراجعْه يُذَكَّر ويؤنَّث . قال ابنُ بَرّي : ولكن قولهم : عُنُقٌ هنْعاءُ وعُنُقٌ سَطْعاءُ يشهدُ بتأنيثِ العُنُق . والتّذكيرُ أغْلَبُ قاله الفَرّاءُ وغيرُه . وقال بعضُهم : من خَفّفَ ذكّر ومن ثَقّل أنّهث . وقال سيبَويه : ج أي : جمْعُهما أعْناق لم يُجاوِزوا هذا البناءَ . ومن المَجاز : العُنُق : الجَماعة الكَثيرة أو المتقدِّمَة من النّآس مُذَكَّر . وقيل : هم الرّؤساءُ منهُم والكُبَراءُ والأشْرافُ . وبهما فُسِّر قولُه تعالَى : ( فظلّتْ أعناقُهم لَها خاضِعين ) أي : فتظلُّ أشْرافُهم أو جَماعاتُهم . والجَزاءُ يقَع في الماضي في معْنَى المُستقبَل كما في العُباب . وقيل : أرادَ بالأعْناقِ هنا : الرِّقاب كقولك : ذلّت له رِقابُ القَوْمِ وأعناقُهم . ويُقال : جاءَ القومُ عُنُقاً عُنُقاً أي : طَوائِفَ . وقال الأزهريُّ : أي فِرَقاً كُلّ جماعةٍ منهم عُنُقٌ . وقيل : رَسَلاً رَسَلاً وقَطيعاً قَطيعاً . وقال الأخطل : .
وإذا المِئُونَ تواكَلتْ أعْناقُها ... فاحْمِلْ هُناكَ على فتىً حَمّالِ قال ابنُ الأعرابي : أعناقُها : جماعاتُها . وقال غيرُه : ساداتُها . وفي الحديث : لا يزالُ النّاسُ مُخْتلِفة أعناقُهم في طلَبِ الدُنْيا أي : جماعات منهم . وقِيل : أرادَ بهم الرّؤساءَ والكُبَراءَ كما تقدّم . والعُنُق من الكَرِش : أسْفَلُها . قال أبو حاتم : هو والقِبَةُ شيءٌ واحد . والعُنُق من الخُبْز : القِطْعَة منه كذا في النُسخ والصّوابُ من الخَيْرِ كما هو نصُّ ابنِ الأعرابيّ . قال : يُقال : لفُلان عُنُقٌ من الخَيْر أي : قِطعة قال : ومنه الحديثُ : المؤَذِّنون أطْولُ النّآسِ أعْناقاً يوم القيامة أي : أكثرُهُم أعْمالاً . ويشْهَدُ لذلك قولُ مَنْ قال : إنّ العُنُق هو القِطْعَة من العََل خيْراً كان أو شرّاً . أو أراد أنّهم يكونون رؤَساءَ يوْمَئذٍ لأنّهم أي : الرّؤساء عند العرَب يوصَفون بطولِ العُنُق قالَه ابنُ الأثير . ولو قال بطولِ الأعْناقِ كان أحْسَنَ . قال الشّمَرْدَلُ بن شَريك اليَرْبوعيّ : .
يُشبَّهون سُيوفاً في صَرامَتِهم ... وطولِ أنضِيَةِ الأعْناقِ واللِّمَمِ ورُوِي إعناقاً بكسْرِ الهمْزة أي : أكْثر إسْراعاً الى الجنّة وأعجلهم إليها . وفي الحديث : لا يزالُ المؤْمِن مُعْنِقاً صالِحاً ما لم يُصِب دَماً حراماً أي : مُسْرِعاً في طاعَتِه مُنبَسِطاً في عمَله . وفيه أقوالٌ أُخَرُ ستّة : أحدُها : أنّهم سُبّاقٌ الى الجَنّة من قولِهم : له عُنُق في الخيْر أي : سابقَة قاله ثعْلَب . الثاني : يُغْفَرُ لهم مَدّ صوْتهم . الثالثُ : يُزادون على النّاس . الرابع : أنّ النّاس يومَئذٍ في الكرْبِ وهم في الرَّوْح والنّشاط متَطَلِّعون ؛ لأن يؤذَنَ لهم بدُخولِ الجَنّة . وغيْر ذلك كما في الفائِق والنّهاية وشُروح البُخاري . ومن المَجاز : كان ذلِك على عُنُق الإسلام وعُنُقِ الدّهْر أي : قَديمِ الدّهْرِ وقَديمِ الإسلام . وقولُهم : هم عُنُقٌ إلَيْك أي : مائِلون إليْك ومُنتَظروكَ . قال الجوهريُّ : ومنه قول الشاعر يُخاطِبُ أميرَ المؤمنين عليَّ بنَ أبي طالبٍ Bه : .
أبلِغْ أميرَ المؤْمِن ... ين أخا العِراقِ إذا أتَيْنا .
أنّ العِراقَ وأهلَه ... عُنُقٌ إليكَ فهَيْتَ هَيْتا