قال الفَرَّاءُ : العَرَبُ تُعْقِبُ بين الفاءِ والثاءِ في اللُّغَةِ فيقُولون : جَدَفٌ وجَدَثٌ وهي الأَجْدَاثُ والأَجْدَافُ انتهى وقال ابنُ جِنِّي في سِرِّ الصِّناعَةِ : إِنَّه مِن بابِ الإِبْدَالِ مُحْتَجًّا بأَنَّه لا يُجْمَعُ علَى أَجْدَافٍ وقد تَعَقَّبَهُ السُّهَيْلِيُّ في الرَّوْضِ وأَثْبَتَ جَمْعَهُ في كَلامِ رُؤْبَةَ وقال : الذي : نَذْهَبُ إِليه أَنَّه أَصْلٌ وأَطالَ في البَحْثِ كذا نَقَلَهُ شَيْخُنا .
قلتُ : وبيتُ رُؤْبَةَ الذي أَشارَ إِليه هو قَوْلُهُ : .
" لو كان أَحْجَارِي مع الأَجْدَافِ تَعْفُو على جُرْثُومِهِ العَوَافِي جَدَفٌ مُحَرَّكةً : ع نَقَلَهُ الصَّاغَانيُّ .
في حديث عمرَ رَضِيَ اللهُ عنه أَنَّه سَأَلَ المَفْقُودَ الذي اسْتَهْوَتْهُ الجِنُّ : مَا كَانَ طَعَامُهم ؟ فقَالَ الفُولُ وما لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عليهِ قال : وما كانَ شَرَابُهُم ؟ فقال : الْجَدَفُ قال الجَوْهَرِيُّ : وتَفْسِيرُه في الحديثِ أَنَّهُ مَا لاَ يُغَطَّي مِنَ السَّرَابِ .
قلتُ : وهو قَوْلُ قَتَادَةَ وزَادَ : أَوْ مَا لاَ يُوكَي ويُقَال : إِنّه نَبَاتٌ بِالْيَمَنِ يُغْنِي آكِلَهُ عن شُرْبِ الْمَاءِ عليه وقال كُرَاعٌ : لا يُحْتَاجُ مَعَ أَكْلِهِ إِلَى شُرْبِ ماءٍ وعبارةُ الجَوْهَرِيُّ : لا يَحْتَاجُ الذي يأْكُلُه أَنْ يَشْرَبَ عليهِ الماءَ وعبارَةُ المُحْكَمِ : نَباتٌ يكونُ باليَمَنِ تَأْكُلُهُ الإِبِلُ فَتَجْزَأُ بِهِ عَنِ الْمَاءِ وقال ابنُ بَرِّىّ : وعليه قَوْلُ جَرِيرٍ : .
" كَانُوا إِذَا جَعَلُوا في صِيرِهمْ بَصَلاًثُمَّ اشْتَوَوْا كَنْعَداً مِنْ مَالِحٍ جَدَفُوا وقال أَبو عمرٍو : الجَدَفُ : لم أَسْمَعْهُ إِلا في هذا الحديثِ وما جاءَ إِلاَّ وله أَصْلٌ ولكن ذَهَبَ مَنْ كان يَعْرِفُهُ وَيَتَكَلَّمُ به كما قد ذَهَبَ مِن كَلامِهم شَيْءٌ كَثِيرٌ وقال بعضُهم : هو مِن الجَدْفِ وهو القَطْعُ كأَنَّهُ أَراد : مَا رُمِىَ به عن الشَّرَابِ مِن زَيَدٍ أَو رَغْوَةٍ أَو قَذيً كأَنَّه قُطِعَ مِنَ الشَّرَابِ فَرُمِيَ به قال ابنُ الأَثِير : كذا رَوَاهُ الهَرَوِيُّ عن القُتَيْبِيِّ .
والْمَجَادِفُ السِّهَامُ نَقَلَهُ الصَّاغَانيُّ .
والأَجْدَفُ : القَصِيرُ مِن الرِّجَالِ قال الشاعرُ : مُحِبٌّ لِصُغْرَاهَا بَصِيرٌ بِنَسْلِهَا حَفِيظٌ لأُخْرَاهَا حُنَيِّفُ أَجْدَفُ قالَه اللَّيْثُ وَرَوَاهُ إِبرَاهِيم الحَرْبِيٌّ رَحِمَهُ اللهُ تعالَى : أُجَيْدِفُ أَحْنَفُ .
وشَاةٌ جَدْفَاءُ : قُطِعَ مِن أُذُنِهَا شَيْءٌ والْجَدَفَةُ مُحَرَّكَةً : الْجَلَبَةُ والصَّوْتُ في الْعَدْوِ نَقَلَهُ االصَّاغَانيُّ .
وأَجْدُفٌ أَو أَجْدُثٌ بالثَّاءِ أَو أَحْدُثٌ بالحَاءِ كأَسْهُمٍ رَوَى الأَخِيرَتَيْنِ السُّكَّرِىُّ في شَرْحِ الدِّيوانِ قال ياقُوتُ : كأَنَّهُ جَمْعُ جَدَثٍ وهو القَبْرُ وقد ذكر في المثلثة : ع بالحِجَازِ قال المُتَنَخِّلُ الهُذَلِيُّ : .
عَرَفْتُ بِأَجْدُثٍ فنِعَافِ عِرْقٍ ... عَلاَمَاتٍ كتَحْبِيرِ النِّمَاطِ وأَجْدَفُوا : أَي جَلَّبُوا وصَاحُوا قال الأَصْمَعِيُّ : التَّجْدِيفُ : الْكُفْرُ بِالنَّعَمِ يُقَالُ منه : جَدَّفَ تَجْدِيفاً كذا في الصّحاحِ يُقَال : لا تُجَدِّفُوا بِأَيَّامِ اللهِ أَو هو اسْتِقْلاَلُ عَطَاءِ اللهِ تَعَالَى قَالَهُ الأُمَوِيُّ ونَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ في الحديث : ( لا تُجَدِّفُوا بِنِعْمَةِ اللهِ تَعالَى ) أَي لا تَكْفُرُوهَا وتَسْتَقِلُّوهَا وقد جَمَعَ أَبو عُبَيْدٍ بيْنَ القَوْلَيْنِ وأَنْشَدَ : .
ولكِنِّي صَبَرْتُ ولم أُجَدِّفْ ... وكانَ الصَّبْرُ غَايَةَ أَوَّلِينَا قيل : هو أَنْ يُسْأَلَ القَوْمُ وهم بِخَيْرٍ : كيفَ أَنْتُمْ : فيقولون : نَحْنُ بِشَرٍّ وسُئِلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : أَيُّ الْعَمَلِ شَرٌّ ؟ قال : ( التَّجْدِيفُ قالوا : ومَا التَّجْدِيفُ ؟ قال : أن تَقُولَ : ليَس لِي وليَس عِنْدِي وقال كَعْبُ الأَحْبَارِ : ( شَرُّ الحِديثِ التَّجْدِيفُ ) وحَقِيقَةُ التَّجْدِيفِ نِسْبَةُ النِّعْمَةِ إِلَى التَّقَاصُرِ