قُلتُ : هكذا رَواهُ أبو سَعِيدٍ نُبايِع بتَقْدِيمِ النُّونِ ومِثْلُه لابنِ القَطّاعِ وقالَ ابنُ بَرِّيّ : حَكَى المُفَضَّلُ فيه الياءَ قَبْلَ النُّونِ وقالَ أبو بكْرٍ : هُوَ مِثَالٌ لَمْ يَذْكُرْه سِيَبَويْهِ وأمّا ابنُ جَنِّي فجَعَلَهُ رُباعِياً وقالَ : ما أظْرَفَ بأبي بَكْرٍ أنْ أوْرَدَهُ على أنَّه أحَدُ الفَوَائِتِ ألا يَعْلَمُ أنَّ سيبوَيْهِ قالَ : ويكُونُ على يَفَاعِلَ نَحْو : اليَحامِدِ واليَرَامِعِ فأمّا إلْحَاقُ عَلَمِ التَّأْنِيث والجَمْعِ بهِ فزائِدٌ عل المِثَالِ غَيْرُ مُحْتَسَبٍ بهِ وإنْ رَوَاهُ رَاوٍ نُبَايِعَات .
فنُبَايِعُ : نُفَاعِلُ كنُضارِبُ ونُقَاتِلُ نُقِلَ وجُمِعَ وكذلكَ نُبَاوِعات .
وفي العُبابِ : والدَّلِيلُ على أنَّ نُبايِعَ ونُبَايِعاتٍ واحِدٌ قوْلُ البُرَيْقِ الهُذَلِيِّ يَرْثِي أخاهُ : .
لَقَدْ لاقَيْتُ يَوْمَ ذَهَبْتُ أبْغِي ... بحَزْمِ نُبَايِعٍ يَوْماً أمارا ثُمَّ قالَ بَعْدَ أرْبَعَةِ أبْيَاتٍ : .
سَقَى الرَّحْمنُ حَزْمَ نُبَايِعَاتٍ ... منَ الجَوْزاءِ أنْوَاءً غِزَارا ونُبَيْعٌ كزُبَيْرٍ : ع حِجَازِيٌّ أظُنُّه قُرْبَ المَدينَةِ على ساكِنِها أفْضَلُ الصلاةِ والسلامِ ويُرْوَى قَوْلُ زُهَيْر بن أبي سُلْمَى : .
غَشيتُ دِياراً بالنُّبَيْعِ فثَهْمَدِ ... دَوَارِسَ قَدْ أقْوَيْن منْ أمِّ مَعْبَدِ والرِّوَايَةُ المَشْهُورَةُ بالبَقِيعِ .
والنَّبْعَةُ والنُّبَيْعَةُ كجُهَيْنَةَ : مَوضِعانِ وفي التَّكْمِلَةَ : جَبَلانِ بعَرفاتٍ .
ونابِعٌ : ع بالمَدِينةِ على ساكنها أفضل الصلاة والسلام .
ومن المَجَازِ رَشَحَتْ نَوابِعُ البَعيرِ أي : مَسَايِلُ عَرَقِه وهِيَ المَوَاضِعُ الّتِي يَسِيلُ منهَا عَرَقُه كما في الصِّحاحِ .
والنَّبْعُ : شَجَرٌ زادَ الأزْهَرِيُّ منْ أشْجَارِ الجِبَالِ وقالَ أبو حَنِيفَةَ : شَجَرٌ أصْفَرُ العُودِ رَزِينُه ثَقِيلُهُ في اليَدِ وإذا تَقَادَم احْمَرَّ وقد جاءَ ذِكْرُه في الحَدِيثِ : قيلَ : كانَ يَطُولُ ويَعْلُو فدَعَا عليهِ النَّبِيُّ A فقالَ : لا أطَالَكَ اللهُ منْ عُودٍ فلَمْ يَطُلْ بَعْدُ للقسِيِّ تُتَّخَذُ منْهُ قالَ أبو حَنِيفَةَ : وكُلُّ القِسِيِّ إذا ضُمَّتْ إلى قَوْسِ النَّبْعِ كَرَمتْهَا قَوْسُ النَّبْعِ لأنَّهَا أجْمَعُ القِسِيُّ للأرْزِ واللِّينِ يَعْنِي بالأرْزِ الشِّدَّةَ قالَ : ولا يكُونُ العُودُ كَرِيماً حتى يَكُونَ كذلكَ وأنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للشَّمّاخِ : .
" شَرَائِجُ النبْعِ بَرَاهَا القَوّاسْ وقال دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّةِ : .
وأصْفَرَ منْ قِداحِ النَّبْعِ فَرْعٍ ... بهِ عَلمانِ منْ عَقْبٍ وضَرْسِ يَقُولُ : بُرِيَ منْ فَرْعِ الغُصْنِ ليسَ بفِلْقٍ وللسِّهامِ تُتَّخَذُ من أغْصَانِه وقالَ المُبرِّدُ : النَّبْعُ والشَّوْحَطُ والشَّرِْيانُ : شَجَرةٌ واحِدَةٌ ولكِنَّها تَخْتَلِفُ أسْمَاؤُهَا لاخْتلافِ منابِتَها وتَكْرُمُ على ذلك فما يَنْبُتُ في قُلَّةِ الجَبَلِ فهُوَ النَّبْعُ والوَاحِدُ نَبْعَةٌ والنّابِتُ منْهُ في السَّفْحِ الشَّرْيانُ وما كانَ في الحَضِيضِ فهُو الشّوْحَطُ وقد تَقَدَّم ذلك في شحط وقال الشّاعِرُ يُفَضِّلُ قَوْسَ النَّبْعِ على قَوْسِ الشَّرِْيان والشَّوْحَطِ : .
وكَيْفَ تَخافُ القَوْمَ أمُّكَ هابِلٌ ... وعِنْدَكَ قَوْسٌ فارِجٌ وجَفِيرُ .
منَ النَّبْعِ لا شَِرْيانَةٌ مُسْتَحِيلَةٌ ... ولا شَوْحَطٌ عِنْدَ اللِّقَاءِ غَرُورُ وقوْلُهُم : لَو اقْتَدَحَ بالنَّبْعِ لأوْرَى ناراً مَثلٌ يُضْرَب في جَوْدَةِ الرَّأْيِ والحِذْقِ بالأُمُورِ لأنَّهُ أي : النَّبْعَ لا نارَ فيهِ وقالَ الأعْشَى : .
ولَوْ رُمْتَ في ظُلْمَةٍ قادِحاً ... حَصَاةً بنَبْعٍ لأوْرَيْتَ نَارَا يعْنِي أنَّه مُؤَتّىً لَهُ حتى لو قَدَحَ حَصاةً بنَبْعٍ لأوْرَى له وذلك ما لا يَتأتَّى لأحَدٍ وجَعَلَ النَّبْعَ مَثَلاً في قِلَّةِ النّارِ قالَهُ أبو حَنِيفَةَ