ويُروى مُرْضِعاً ويُروى مُغْيلٍ أي ذاتِ رَضيعٍ فإن وَصَفْتَها بإرضاعِ الولَدِ أَلْحَقْتَ الهاءَ . وقلتَ : مُرْضِعَة كما في الصحاحِ والعُباب ومنه قَوْله تَعالى : " يَوْمَ تَذْهَلُ كلُّ مُرْضِعَةٍ عمّا أَرْضَعَتْ " وفي الحديثِ حين ذكر الإمارةَ فقال : " نِعْمَتِ المُرْضِعَةُ وبِئْسَتِ الفاطِمَةُ " ضَرَبَ المُرضِعَةَ مَثَلاً للإمارةِ وما تُوَصِّلُه إلى صاحبِها من الأَحْلاب يعني المَنافع والفاطِمَةَ مثلاً للمَوتِ الذي يَهْدِمُ عليه لَذّاتِه ويقطعُ مَنافِعَها . قال ثعلبٌ : المُرْضِعَة : التي تُرْضِعُ وإنْ لم يكن لها ولَدٌ أو كان لها ولَدٌ والمُرْضِع : التي ليس مَعَهَا ولَدٌ وقد يكون معها ولَدٌ . وقال مَرّةً : إذا أدخلَ الهاءَ أرادَ الفِعلَ وجَعَلَه نَعْتَاً وإذا لم يُدخِل الهاءَ أرادَ الاسمَ . وقال الفَرّاء : المُرْضِعُ والمُرْضِعَة : التي معها صبيٌّ تُرْضِعُه قال : ولو قيلَ في الأمِّ : مُرْضِعٌ - لأنّ الرَّضاعَ لا يكونُ إلاّ من الإناثِ كما قالوا : امرأةٌ حائِضٌ وطامِثٌ - كان وَجْهَاً . قال : ولو قيلَ في التي معها صَبيٌّ : مُرْضِعَةٌ كان صَواباً . وقال الأخفَشُ : أَدْخَلَ الهاءَ في المَرْضِعَةِ لأنّه أرادَ - واللهُ أَعْلَم - الفِعلَ ولو أرادَ الصِّفةَ لقال : مُرْضِعٌ . وقال أبو زَيْدٍ : المُرْضِعة : التي تُرْضِعُ وثَدْيُها في فَمِ ولَدِها وعليه قَوْله تَعالى : " تَذْهَلُ كلُّ مُرْضِعَةٍ " قال : والمُرضِع : التي دنا لها أن تُرْضِعَ ولم تُرْضِع بعد والمُرْضِع : التي معها الصبيُّ الرَّضيع . وقال الخليل : امرأةٌ مُرضِعٌ : ذاتُ رَضيع كما يقال : امرأةٌ مُطْفِلٌ : ذاتُ طِفلٍ بلا هاءٍ لأنّك تَصِفُها بفِعلٍ منها واقِعٍ أو لازمٍ فإذا وَصَفْتَها بفِعلٍ هي تَفْعَلُه قلتَ : مُفْعِلَةٌ كقولِه تعالى : " تَذْهَلُ كلُّ مُرْضِعَةٍ عمّا أَرْضَعَتْ " وَصَفَها بالفِعلِ فأدخلَ الهاءَ في نَعْتِها ولو وَصَفَها بأنّ مَعَهَا رَضيعاً قال : كلُّ مُرضِعٍ . وقال ابنُ بَرّي : أمّا مُرضِعٌ فَعَلَى النَّسَبِ أي ذاتُ رَضيعٍ كما تقول : ظَبْيَةٌ مُشْدِنٌ أي ذاتُ شادِنٍ وعليه قولُ امرئِ القَيسِ : .
" فمِثلِكِ... الخ فهذا على النَسَب وليس جارِياً على الفِعلِ كما تقول : رجلٌ دارِعٌ تارِسٌ أي معه دِرعٌ وتُرْسٌ ولا يقال منه : دَرِعٌ ولا تَرِسٌ فلذلك يُقَدَّرُ في مُرْضِعٍ أنّه ليس بجارٍ على الفِعلِ وإن كان قد استُعمِلَ منه الفعلُ . وقد يَجيءُ مُرضِعٌ على معنى ذاتِ إرْضاعٍ أي لها لبَنٌ وإن لم يكن لها رَضيع هذا خُلاصَةُ ما قاله النَّحَوِيُّون . وراضَعَ فلانٌ ابْنَه أي دَفَعَه إلى الظِّئْرِ . نَقَلَه الجَوْهَرِيّ وأنشد لرُؤْبَة : .
إنَّ تَميماً لم يُراضَعْ مُسْبَعا ... وَلَمْ تَلِدْهُ أمُّهُ مُقَنَّعا أي وَلَدَتْه أمُّه مكشوفَ الأمرِ ليس عليه غِطاءٌ . قال الجَوْهَرِيّ : ارْتَضَعَتِ العَنزُ أي شَرِبَتْ لَبَنَ نَفْسِها وأنشدَ للشاعر وهو عَمْرُو بنُ أَحْمَرَ الباهِليُّ : .
إنِّي وَجَدْتُ بَني أَعْيَا وجاهِلَهُم ... كالعَنْزِ تَعْطِفُ رَوْقَيْها فَتَرْتَضِعُ