وقالَ ابْنُ بَرّيّ : الَّذِي رَواهُ أَبُو عُبَيْدٍ هو الصَّحِيحُ لأَنَّهُ قَدْ رَوَى المَثَلَ : تَعَظْعَظِي ثم عِظِي وهذا يَدُلُّ على صِحَّةِ قَوْلِهِ . قُلْتُ : ومِنْهُم مَنْ جَعَلَ تَعَظْعَظِي بِمَعْنَى اتَّعِظِي أَنْتِ أَي فهو أَمْرٌ من الوَعْظِ وهذا القَوْلُ شَاذٌّ لأَنَّ العَرَبَ إِنَّمَا تَفْعَلُ هذا في المُضَاعَفِ فتُبْدِلُ مِنْ أَحَدِ الحَرْفَيْنِ كَرَاهِيَةً لاجْتِمَاعِهما فَيَقُولُونَ : تَحَلْحَل وأَصْله تَحَلَّل ولَوْ كانَ تَعَظْعَظي مِنَ الوَعْظِ لَقِيلَ مِنْهُ : تَوَعَّظِي فتَأَمَلْ . وأَعَظَهُ اللهُ تَعالَى : جَعَلَهُ ذَا عَظَاظٍ . وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ : العَظْعَاظُ بالفَتْحِ : مَصْدَرُ عَظْعَظَ السَّهْمُ عن كُرَاع وهي نادِرَةٌ .
والعَظْعَظَةُ : النُّكُوصُ عن الصَّيْدِ . وما يُعَظْعِظُه شَيْءٌ أَي ما يَسْتَفِزُّه ولا يُزِيلُه .
وأَعَظَّ الرَّجُلُ إِذا اغْتابَ غَيْبَةً قَبِيحَةً .
ع ك ظ .
عَكَظَهُ يَعكِظُه عَكْظاً : حَبَسَه . وعَكَظَ الشَّيْءَ يَعْكِظُه : عَرَكَهُ وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : قهَرَهُ بِحُجَّتِهِ ورَدَّ عَلَيْهِ فَخْرَه قالَ : وبه سُمِّيَ عُكَاظٌ كغُرَابٍ : سُوقٌ بصَحْراءَ . وقالَ الأَصْمَعِيُّ : عُكَاظٌ : نَخْلٌ في وَادٍ بَيْنَهُ وبَيْنَ الطَّائِفِ لَيْلَةٌ . وبَيْنَهُ وبَيْنَ مَكَّةَ ثَلاثُ لَيَالٍ وبِهِ كانَتْ تُقَامُ سُوقُ العَرَبِ . وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ : قِيلَ عُكَاظٌ : مَاءٌ بَيْنَ نَخْلَةَ والطّائِفِ إِلى بَلَدٍ يُقَالُ له : العِتْقُ كانَتْ مَوْسِماً مِنْ مَوَاسِمِ الجاهِلِيَّةِ تَقُومُ هِلالَ ذِي القَعْدَةِ وتَسْتَمِرُّ عِشْرِينَ يَوْماً قالَ ابنُ دُرَيْدٍ : وكانَتْ تَجْتَمعُ فِيها قَبَائِلُ العَرَبِ فَيَتَعَاكَظُونَ أَي يَتَفَاخَرُونَ ويَتَنَاشَدُونَ ما أَحْدَثُوا من الشِّعْرِ ثُمَّ يَتَفَرَّقُونَ . زادَ الزَّمَخْشَرِيّ : كانَتْ فِيها وَقَائِعُ وحُرُوبٌ . وفي الصّحاح : فيُقِيمُونَ شَهْراً يَتَبَايَعُونَ ويَتَفَاخَرُونَ ويَتَناشَدُونَ شِعْراً فلَمَّا جاءَ الإِسْلامُ هَدَمَ ذلِكَ . قَالَ اللِّحْيَانيّ : أَهْلُ الحِجَازِ يُجْرُونَهَا وتَمِيم لا يُجْرُونَها وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لأَبِي ذُؤَيْبٍ : .
إِذا بُنِيَ القِبَابُ على عُكَاظٍ ... وقَامَ البَيْعُ واجْتَمَعَ الأُلُوفُ أَرَادَ : بِعُكَاظ .
وقال أُميَّة بنُ خَلَف الخُزاعِي يَهْجُو حَسَّان بنَ ثابِت رَضِي اللهُ عنه : .
أَلا مَنْ مُبْلِغ حَسّان عَنّي ... مُغَلْغَلَةً تَدِبّ إِلى عُكَاظِ في أَبيات تَقَدَّم ذِكْرُها في شوظ فأجَابَهُ حَسّان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : .
أَتانِي عَنْ أُمَيَّةَ زُورُ قَوْلٍ ... وما هُوَ في المَغِيبِ بذِي حِفاظِ .
سَأَنْشُر إِنْ بَقِيتُ لكُمْ كَلاماً ... يُنَشَّرُ في المَجَنَّةِ مَعْ عُكَاظِ .
قَوافِيَ كالسَّلامِ إِذا اسْتَمَرَّتْ ... مِنَ الصُّمِّ المُعَجْرَفَةِ الغِلاظِ .
تَزُورُكَ إِنْ شَتَوْتَ بكُلِّ أَرْضٍ ... وتَرْضَخُ فِي مَحَلّكَ بالمَقَاظِ .
بَنَيْتُ عَلَيْكَ أَبْيَاتاً صِلاباً ... كأَسْرِ الوَسْقِ قُعِّضَ بالشِّظاظِ .
مُجَلِّلةً تُعَمِّمُه شَناراً ... مُضَرَّمَةً تَأَجَّجُ كالشّواظِ .
كَهَمْزَةٍ ضَيْغَمٍ يَحْمِي عَريناً ... شَدِيدِ مَغارِزِ الأَضْلاعِ خاظِي .
تَغُضُّ الطَّرْفَ أَنْ أَلْقَاكَ دُونِي ... وتَرْمِي حِينَ أُدْبِرُ باللِّحاظِ وقال طَرِيفُ بنُ تَمِيمٍ : .
أَوَ كُلَّمَا وَرَدَتْ عُكاظَ قَبِيلَةٌ ... بَعَثُوا إِلَيَّ عَرِيفَهُمْ يَتَوَسَّمُ ؟ ومنه الأَدِيمُ العُكَاظِيُّ مَنْسُوبٌ إِلَيْهَا كما نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ وهو ما حُمِلَ إِلَى عُكَاظ فبِيعَ بِهَا .
وتَعَكَّظَ أَمْرُهُ : الْتَوَى عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ كما سَيَأْتِي بَيَانُه . وقِيلَ : تَعَكَّظَ عَلَيْه أَمْرُه أَي تَعَسَّرَ وتَشَدَّدَ وتَمَنَّع . قال عَمْرُو بنُ مَعْدِي كَرِبَ :