فَسَّرَه فقال : أَثَّرَ في أَنْفهِ حَتَّى يَذِلَّ . وقيلَ : غَاضَ الماءَ : نَقَصَهُ وفَجَّرَهُ إِلى مَغِيضٍ " كأَغاضَ " . وفي الصّحاح : غَيَّضَ الماءَ : فَعَلَ به ذلِكَ وغَاضَهُ اللهُ . يَتَعَدَّى ولا يَتَعَدَّى وأَغَاضَهُ اللهُ أَيْضاً . قُلتُ : ومِن المُتَعَدِّي أَيْضاً حَديثُ عَائشَة تَصِفُ أَبَاهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : " وغَاضَ نَبْعَ الرِّدَّةَ " أَي أَذْهَبَ مَا نَبَعَ منهَا وظَهَرَ . ومن الَّلازم الحَديثُ : " لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ الوَلَدُ غَيْظاً والمَطَرُ قَيْظاً ويَفِيضَ اللِّئامُ فَيْضاً ويَغِيضَ الكِرَامُ غَيْضاً ويَجْتَرئَ الصَّغيرُ على الكَبِير واللَّئيمُ على الكَرِيم " أَي يَفْنُونَ ويَقِلُّون وهو مَجَاز . ومن الَّلازم أَيْضاً قَوْلُه تَعَالَى : " ومَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وما تَزْدادُ " قال الأَخْفَشُ : " أَي " و " ما تَنْقُصُ " نقله الجَوْهَرِيّ . وقال الزَّجّاجُ : أَي ما نَقَصَ " من سَبْعَةِ الأَشْهُرِ " كَذَا في سَائر النُّسَخ المَوْجُودَة والصَّوابُ من تسْعَةِ الأَشْهُرِ الَّتي هي وَقْتُ الوَضْعِ كما في العُبَاب واللّسَان وهو نَصُّ الزَّجَّاج قال : ومَا تَزْدَادُ يَعِني على التِّسْعَةِ . وقال بَعْضُهُم : مَا نَقَصَ عن أَنْ يَتِمَّ حَتَّى يَمُوتَ وما زادَ حَتَّى يَتِمَّ الحَمْلُ . وعلى هذَا ما في النّسخ مِنْ تَقْديم السِّين على الباءِ يَكُون صَحِيحاً كَأَنَّهُ ذَهَبَ إِلى هذَا القَوْلِ . يَشْهَدُ له قَوْلُ قَتَادَةَ : " الغَيْضُ : السِّقْطُ الَّذي لَم يَتِمَّ خَلْقُه " أَي هو النَّقِصُ عن سَبْعَةِ الأَشْهُرِ فتَأَمَّلْ . الغِيضُ " بالكَسْرِ : الطَّلْعُ " . نَقَلَهُ ابنُ دُرَيْدٍ وابنُ الأَعْرَابيّ وكَذلكَ الغَضِيضُ والإِغْرِيضُ وقدْ تَقَدَّما . " أَو " الغِيضُ هو " العَجَمُ الخَارِجُ من لِيفِهِ " . هَكَذا في سَائرِ النُّسَخ . والذي نَقَلَه الصَّاغَانِيّ عن أَبِي عَمْرٍو : الغِيضُ : العَجَمُ الَّذِي لَمْ يَخْرُجْ منْ لِيفِهِ " وذلكَ يُؤْكلُ كُلُّه " . فانْظُرْه وتَأَمَّلْ . " والغَيْضَةُ بالفَتْح : الأَجَمَةُ و " هي " مُجْتَمَعُ الشَّجَرِ في مَغِيضِ مَاءٍ " يَجْتَمِعُ فيه الماءُ فيَنْبُتُ فيه الشَّجَرُ " ج : غِيَاضٌ وأَغْيَاضٌ " كما في الصّحاح . الأَخيرُ على طَرْحِ الزَّائِدٍ ولا يَكُونُ جَمْعَ جَمْعٍ لأَنَّ جَمْعَ الجَمْعِ مُطَّرَحٌ ما وُجِدَتْ عَنْه مَنْدُوحَةٌ . قال رُؤْبَةُ : .
" في غَيْضَةٍ شَجْرَاءَ لَمْ تَمَعَّرِ .
" مِنْ خَشَبٍ عاسٍ وغَابٍ مُثْمِرِ والمُرَادُ بالشَّجَر أَي شَجَرٍ كان " أَو خَاصٌّ بالغَرَب لا كُلُّ شَجَرٍ " كما نَقَلَهُ أَبو حَنِيفَةَ عن الأَعْرَابِ الأُوَلِ قال : والَّذي جَاءَتْ به أَشْعَارُ العَرَب خِلاَف هذا وأَنْشَد رَجَزَ رُؤْبَةَ هذَا وَقال : فجَعَلَهَا من المُثْمِرِ وغَيْرِ المُثْمِرِ وجَعَلَهَا غَابَةً وأَيُّ غَرَبٍ بنَجْدٍ يَلِي غَرَبَ الأَرْيَافِ إِذَا اجْتَمَعَتْ فَهيَ غِيَاضٌ كما في العُباب . الغَيْضَةُ : " نَاحِيَةٌ قُرْبَ المَوْصِلِ " شَرْقِيَّها عَلَيْهَا عِدَّةُ قُرىً . من المَجَازِ : " أَعْطاهُ غَيْضاً من فَيْضٍ " أَيْ " قَلِيلاً منْ كَثيرٍ " . وقال أَبو سَعِيدٍ : مَعْنَاهُ أَنَّهُ قد فَاضَ مَالُه ومَيْسَرَتُه فهو إِنَّمَا يُعْطِي من قُلّهِ . ومنه حَديثُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي العاصِ الثَّقَفِيّ " لَدِرْهَمٌ يُنْفِقُه أَحَدُكُم من جَهْدهِ خَيْرٌ من عَشَرَةِ آلافِ درْهَم يُنْفِقُهَا أَحَدُنا غَيْضاً من فَيْضٍ " أَي قَليلُ أَحَدِكم مع فَقْرِه خَيْرٌ منْ كَثيرِنَا مع غِنَانَا . " وغَيَّضَ دَمْعَهُ تَغييضاً : نَقَصَهُ " وحَبَسَه . والتَّغْيِيضُ : أَن يَأْخُذَ العَبْرَةَ من عَيْنِهِ ويَقْذِفَ بهَا . حَكَاهُ ثُعْلَبٌ وأَنْشدَ : .
غَيَّضْنَ منْ عَبَرَاتِهِنَّ وقُلْنَ لِي ... ماذَا لَقِيتَ من الهَوَى ولَقِينَا