" عَوْض مُثَلَّثَةَ الآخِر مَبْنيَّة " قال الجَوهَريُّ : يُضَمُّ ويُفْتَح بغَيْر تَنْوين ومثْلُهُ قَوْلُ الأَزْهَريّ ولَمْ يَذْكُرا الثّالِثَةَ . والضَّمُّ قَوْلُ الكِسَائيّ والنَّصْبُ أَكْثَرُ وأَفْشَى . قُلْتُ : وهو قَوْلُ البَصْرِيِّينَ . تَقُولُ : عَوْضَ يَا فَتَى بالفَتْح . وقال الكُوفيّونَ : هو مَبْنيٌّ على الضَّمِّ في مَعْنَى الأَبَد مِثْلُ حَيْثُ وما أَشْبَهَها . وبالوَجْهَيْن رُوِيَ قَوْلُ الأَعْشَى يَمْدَحُ رَجُلاً كما قَالَهُ الجَوْهَريُّ والمَمْدُوحُ المُحَلَّقُ واسمُه عَبْدُ العُزَّى بنُ حَنْتَمِ بنِ جُشَمَ بنِ شَدَّادِ بْنِ رَبيعَةَ : .
لعَمْرِي لَقَدْ لاحَتْ عُيُونٌ كَثِيرَةٌ ... إِلَى ضَوْءِ نارٍ في يَفَاعٍ تَحَرَّقُ .
تُشَبُّ لِمَقْرُورَيْن يَصْطَلِيَانِهَا ... وبَاتَ على النَّار النَّدَى والمُحَلَّقُ .
رَضِيعَيْ لِبَانٍ ثَدْيَ أمٍّ تَقَاسَمَا ... بأَسْحَمَ دَاجٍ عَوْض لا نَتَفَرَّقُ قال الجَوْهَريُّ : يقول : هو والنَّدَى رَضَعَا منْ ثَدْيٍ وَاحدِ . قُلْتُ ويُرْوَى : رَضيعَيْ لِبَانِ ثَدْيِ أُمٍّ أَضَافَ اللِّبَانَ إِلى الثَّدْيِ كما في العُبَاب . وأَراد بأَسْحَمَ دَاجٍ اللَّيْلَ . وقيلَ : سَوَادَ حَلَمَةِ ثَدْيِ أُمّه . وقيلَ : أَرادَ بالأَسْحَمِ هُنَا الرَّحِمَ . وقَالَ رَبيعَةُ بن مَقْرُومٍ الضَّبِّيُّ يَمْدَحُ مَسْعُودَ بنَ سَالِمٍ الضَّبِّيَّ : .
هذا ثَنَائِي بمَا أَوْلَيْتَ منْ حَسَنٍ ... لا زِلْتَ عَوْضَ قَريرَ العَيْنِ مَحْمُودا وقال ابنُ بَرِّيّ : وشَاهدُ عَوضُ بالضَّمِّ قولُ جابرِ بْنِ رَأْلانَ السِّنْبِسِيِّ : .
" يَرْضَى الخَلِيطُ ويَرْضَى الجارُ مَنْزِلَهُولا يُرَى عَوْضُ صَلْداً يَرْصُدُ العُلَلاَ وهو " ظَرفٌ لاستِغْرَاقِ المُسْتَقْبلِ " مِن الزَّمَان " فَقَطْ " كما أَن قَطُّ للْمَاضي منَ الزَّمَان لأَنَّك تَقول : " لا أُفَارِقُكَ عَوْضَ " . وعبَارَةُ الصّحاح : عَوْضُ لا أُفارِقُك تُريدُ لا أُفَارِقُك أَبَداً كما تَقُولُ في المَاضي قَطُّ ما فَارَقْتُك ولا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ : عَوْضُ ما فَارَقْتُك كما لا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ قَطُّ ما أُفَارقُك . كَذَا في الصّحاح . وقال ابنُ كَيْسَان : قَطُّ وعَوْضُ : حَرْفَان مَبْنِيَّان على الضَّمّ قَطُّ لمَا مَضَى منَ الزَّمَان وعَوْضُ لمَا يُسْتَقْبَل . تَقُولُ : ما رأَيْتُه قَطُّ يا فَتَى ولا أُكَلِّمُكَ عَوْضُ يا فَتَى . " أَو " يُسْتَعْمَلُ في " الماضي أَيْضاً . أَي أَبَداً " وهذَا قَوْلُ أَبي زَيْد فإِنَّه قالَ : " يُقَالُ : ما رأَيْتُ مِثْلُه عَوْضَ " أَي لَمْ أَرَ مثْلَه قَطُّ فقد استَعْمَلَهُ في المَاضِي كما يُسْتَعْمَلُ في المُسْتَقْبَل وهكَذَا نَقَلَهُ الصّاغانيّ في كِتَابَيْه . قُلْتُ : ويَشْهَدُ له أَيْضاً قَوْلُ الشَّاعِرِ : .
فَلَمْ أَرَ عاماً عَوضُ أَكْثَرَ هَالِكاً ... ووَجْهَ غُلاَمٍ يُشْتَرَى وغُلاَمَهْ