وقال في قوله تعالى : " وإذَا البِحَار سُجِّرَت " أفْضَى بعضُها إلى بَعْض فصار بَحْراً واحِداً . وقال الرّبيع : سُجِّرت أَي فاضَتْ . وقال قتادةُ . ذَهَبَ مَاؤُهَا . وقال كَعْب : البَحْرُ جَهَنَّم يُسْجَر . وقال الزَّجَّاجُ : جُعِلَت مَبانِيَها نِيرانَها يُحَاطُ بها أهلُ النَّار . وقال أبو سعيد : بَحْرٌ مَسْجُورٌ ومَفْجورٌ . وقال الحَسَن البَصْريّ أَي أضْرِمَت ناراً . وقيل : غِيضَت مِيَاهُها وإنما يكون ذِلك لِتَسْجِير النَّارِ فيها وهذا الأَخيِر من البصائر وقيل : لا يَبْعُدُ الجميع تُخْلَط وتَفِيض وتَصِير ناراً قاله الأبّيّ وغيره . قال شيخُنَا : وهذا مبنِيٌّ على جَوازِ استعمال المُشْتَرَك في معانِيه وهو مَذْهَب الجمهور . ثم إنَّ قولَ المصنّف : البحرُ الذي ماؤُه أكثرُ منه لم أجِده في أمَّهات الأصولِ اللغَوَّية . وهُم صَرَّحُوا أَن المَسْجُورَ المملوءُ أو المُوقَدُ أو المفجورُ أو غيرُ ذلك وقد تقدَّم . ولعلَّه أُِخذَ من قول الفَرّاءُ ؛ فإنه قال : المَسْجُور اللّبَن الذي ماؤُه أكثرُ من لَبَنِه وهو يُشِير إلى مَعْنَى المُخَالَطَةِ فتأمَّل .
وفي الصّحاح : المَسْجُور : من اللُّؤْلُؤ : المَنْظُومُ المُسْتَرْسِلُ . قال المُخَبَّل السعدي : .
وإذَا ألَّمَ خَيَالُهَا طَرَفَتْ ... عَيْنِي فمَاءُ شُؤُونِهَا سَجْمُ .
كاللُّؤْلُؤِ المَسْجُورِ أُغْفِل في ... سِلْكِ النِّظَامِ فَخَانَه النَّظْمُ ويُقال : مَرَرنا بكُلِّ حاجِرٍ وسَاجِر . الساجِرُ : المَوْضِعُ الذَّيِ يأتي عليه السَّيْلُ ويَمُرْ به فيَمْلَؤُه على النَّسَبِ أَو يَكُونُ فاعِلاً بمعنَى مَفْعُول . قال الشماخ : .
وأحمَى عليها ابْنَا يَزِيدَ بن مُسْهِرٍ ... ببَطْنِ المَرَاضِ كُلَّ حِسْى وساجِرِ وساجِرٌ : مَاءٌ باليَمَامَةِ لضَبَّةَ . قال ابنُ بَرِّيّ : يَجْتَمِع من السَّيْل وبه فُسِّرَ قولُ السَّفَّاح بنِ خالِدٍ التَّغْلبِيّ : .
" إِنَّ الكُلاَب ماؤُنا فخَلُّوهْ .
" وساجِراً واللّهِ لَنْ تَحُلُّوهْ وساجِرٌ : ع آخَرُ . قال الرَّاعي : .
ظَعَنَّ ووَدَّعْنَ الجَمَادَ مَلاَمَةً ... جَمَادَ قَسَا لَمَّا دَعَاهُنَّ ساجِرُ وقال سَلَمَةُ بنُ الخُرْشُب : .
وأَمْسَوْا حِلالاً ما يُفرَّقُ جَمْعُهُمْ ... علَى كُلِّ ماءٍ بَينَ فَيْدَ وساجِرِ ومن المَجَاز : السَّجِيرُ : الخَلِيلُ الصَّفِيُّ المُخُالِط الصَّدِيقُ من سَجَرَت النَّاقَةُ إِذَا حَنَّت لأَنَّ كُلَّ واحِدٍ منهما يَحِنّ إلى احبه كما في الأَساس والبصائر ج سُجَرَاءُ كأَمِيرٍ وأُمراءَ . والسّاجُورُ : خَشَبَةٌ تُعَلَّق . وقال الزَّمَخْشَرِىّ : طَوْقٌ من حَدِيد . وقال بعضهم : السَّاجُور : القِلادةُ تُجْعَل في عُنُق الكَلْب . و قد سَجَرَه إِذَا شَدَّهُ بِه وكُلُّ مَسْجُورٍ في عُنُقِه ساجُورٌ عن أَبي زَيْد كسَوْجَرَه حكاه ابنُ جِنِّي فإِنه قال : كَلْبٌ مُسَوْجَرٌ فإِن صَحَّ ذلك فشَاذٌّ نادِرٌ . وقال أَبو زَيْد . كَتبَ الحَجَّاجُ إلى عامِلٍ له أَن ابْعَثْ إِليَّ فُلاناً مُسَمَّعاً مُسَوْجَراً أَي مُقَيَّداً مَغْلولاً . قلْت وزادَ الزَّمَخْشَرِىّ : سَجَّرَه تَسْجِيراً . وقال : كَلْبٌ مَسْجُورٌ ومُسَجَّرٌ ومُسَوْجَرٌ . وقد سَجَرْتُه وسَجَّرْتُه وسَوْجَرْتُه إِذَا طوَّقْتَه السَّاجورَ . والسّاجُور : نَهرٌ بمَنْبِجَ ضِفَّتَاه بَسَاتِينُ ويقال لهما : السَّوَاجِرُ أَيضاً . والسِّجَارُ ككِتَاب : ة قُربَ بُخَارَى وهي التي قال لها : ججَار بجِيمَين وقد ذَكَرها المُصَنِّف هناك . ومنها أَبو شُعَيْب الوَلِيّ العَابِد المذكور فكان يَنبغِي أََن يُنَبّه على ذلِك لئلا يَغْتَرّ المُطَالِعُ بأَنَّهما اثْنَتَانِ . والسَّوْجَرُ : شَجَرُ أَو هو شَجَرُ الخِلاَف يمانِيَةٌ أو الصَّواب بالمهملَة كما سيأْتي . والسَّجْوَرِيُّ كجَوْهَرِيّ : الرَّجُل الخَفِيفُ حكاه يَعْقُوب وأَنْشَد : .
" جَاءَ يَسُوقُ العَكَرَ الهُمْهُومَا .
" السَّجْوَرِيُّ لا رَعَى مُسِيمَا .
" وصَادَفَ الغَضَنْفَرَ الشَّتِيمَا