في الَمرضِ : قد أحْصِرَ . وفي الحَبْسِ إذا حَبَسَه سُلْطَانٌ أو قاهِرٌ مانِعٌ : قد حُصِرَ فهذا فَرْقُ بَيْنهما . ولو نويْتَ بقَهْرِ السُّلْطَان أنَّهَا علَّةٌ مانِعَةٌ ولم تَذْهَبِ إلى فِعْلِ الفاعِلِ جَازَ لَكَ أن تَقثولَ : قد أحْصِرَ الرَّجُلُ . ولو قلْت في أُحْصِرَ مِنَ الوَجَع والمَرض أنَّ المَرَضَ حَصَرَه أو الْخوْفَ جازَ أن تقول حُصِرَ . قال شَيْخُنا : وإلى الفَرقِ بينهما ذّهَبَ ثَعْلَبَ وابْنُ السِّكِّيت وما قالَه المُصَنِّف مِنْ عَدم الفَرْقِ هو الَّذي صَرَّحَ به ابْنُ القُوطِيّة وابنُ القَطَّاع وأبُو عَمْرٍو الشَّيْبانِيُّ . قُلْتُ : أمّا قولُ ابْنِ السِّكِّيت فإنَّه قال في كتاب الإصلاح : يُقالُ : أحْصَرَه المَرضُ إذا مَنَعَه من السَّفَرِ أو من حاجَةٍ يُريدُها . وأحْصَرَه العَدُوُّ إذا ضَيَّق عليه فحَصِرَ أي ضاق صَدْرُه . وفي التَّهْذيبِ عن يُونُسَ أنه قال إذا رُدَّ الرَّجلُ عن وَجْهٍ يُرِيده فقد أُحْصِر وإِذا حُبِسَ فقد حُصِرَ . وقال أَبو عُبَيْدَةَ : حُصِرَ الرَّجلُ في الحَبْس وأُحْصِر في السَّفَرَ من مَرَض أَو انْقِطَاعٍ به . وقال أَبو إِسحاق النَّحْوِيّ : الرّوايَةُ عن أَهْلِ اللُّغَة أَن يُقال لِلَّذِي يَمْنَعهُ الخَوفُ والمَرضُ : أُحِصر قال : ويقال للمَحْبُوس : حُصِر . وإِنما كان ذلك كذلك لأَنّ الرجلَ إِذا امْتَنَع مِن التّصَرُّف فقد حَصرَ نَفْسَه فكأَنَّ المَرَضَ أَحْبَسَه أَي جَعَلَه يحْبِس نَفسهِ . قولك حَصَرْتُه إِنما هو حبَسْتُه لا أَنّه أَحْبَس نَفسَه . فلا يجوز فيه أُحْصِرَ . قال الأَزهَرِيُّ : وقَدْ صَحَّت الرِّوايةُ عن ابنِ عباس أَنه قال " لا حَصْرَ إِلا حصْرُ العَدُوّ " . فجعله بغير أَلِف جَائزاً بمَعْنَى قَوْلَ اللهِ عزّ وجلَّ " فإِنْ أُحصْتُمُ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ " . الحصْرُ للبَعِيرِ وإِحْصَارُ شَدُّهُ بالحِصَارِ والمِحْصَرِةَ وسيأْتي بَيَانُهُمَا كاحْتِصَارِهِ . يقال : أَحْصَرْتُ الجَمَلَ وحَصَرْتُه : جَعلتُ له حِصَاراً . وحَصَرَ البعِيرَ يَحْصُرُه ويَحْصِرُه حَصْراً واحْتَصَرَه : شَدَّة بالحِصَار . الحُصْرُ بالضَّمِّ : احْتِبَاسُ ذِي البَطْنِ ويقال فيه أَيضاً بضَمّتَيْن كما في الأَساسِ وشُرُوح الفَصِيح . حُصِرَ كمُعِنىَ فهو مَحْصورٌ وأُحْصِرَ ونُقِل عن الأَصمعيّ واليَزِيديّ : الحُصْرُ من الغائِطِ والأُسْرُ مِنَ البَوْل . وقال الكِسائِيّ : حُصِرَ بِغائِطِه وأُحْصِرَ بضَمّ الأَلِف . وعن ابن بُزُرْجَ : يُقَالُ للذِي به الحُصْر : مَحْصُورٌ وقد حُصِرَ عليه بَوْلُه يُحْصَر حَصْراً أَشَدَّ الحَصْر وقد أَخذَه الحُصْرُ وأَخذَه الأُسْرُ شيْءٌ وَاحِدٌ وهو أَن يُمْسَك بِبَوْلِه . يُحْصَرُ حَصْراً فلا يَبول قال : ويقولون : حُصِرَ عليه بَولُه وخَلاَؤُهُ . الحَصَرُ بالتَّحْرِيك : ضِيقُ الصَّدْرِ وقد حَصِرَ صَدْرُ المَرْءِ عن أَهْله إِذا ضاقَ قال اللهُ عَزَّ وجَلّ : " أَو جَاءُكُم حَصِرَتْ صَدُورُهم أَنْ يُقَاتِلُوكم " معناه ضَاقَت صُدورُهم عن قِتَالِكم وقِتَالِ قَوْمِهم . وكُلُّ مَنْ بَعِلَ بشْيءٍ أَو ضاقَ صَدْرُهُ بأَمْرٍ فقد حَصِرَ وقيل : ضاقَت بالبُخْل والجُبْن وعّبرَ عنه بِذلك كما عَبرَ بضِيقِ الصَّدْر وعن ضِدّه بالبرّ والسَّعَة . وقال الفَرّاءُ : العَرَبُ تقول : أَتَانِى فلانٌ ذَهبَ عَقْلُه يريدون قد ذَهَبَ عَقْلُه . قال الزَّجّاج : جَعَالَ الفَرَّاءُ قوله حَصِرَت حَالاً ولا يكونُ حَالاً إِلا بقَدْ . وقال ثَعْلب : إِذا أُضْمِرَت قد قَرَّبَتْ من الحالِ وصارتْ كالاسْمِ وبها قراَ منْ قراَ " حَصِرةً صُدُورُهم " وقال أَبو زيد : ولا يكُونُ جَاءَني القَومُ ضاقت صُدُورُهم إِلا أَن تَصِلَه بواو أَو بقدْ كأَنَّك قلتَ جَاءَني القَوْمُ وضَاقَتْ صُدُورُهم أَو قَدْ ضَاقَتْ صُدُورُهم . وقال الجوهريّ : وأَما قَوْلُه " أَو جَاءُوكم حَصِرَتْ صُدُورُهُم " فأَجاز الأَخْفَشُ والكُفِيّون أَنْ يَكُونَ المَاضيِ حَالاً ولم يُجِزْه سِيْبَوَيه إِلا مَع قَدْ وجعلَ حَصِرَتْ صُدُورُهم عَلَى جهَةِ الدّعَاءِ عليهم