والجزائِرُ الخالِدَاتُ ويقال لها جَزائِرُ السَّعَادَة وجزائرُ السُّعَداءِ سُمِّيَتْ بذلك لأنه كان مُعْتَقَدُهم أنّ النفوسَ السعيدةَ هي التي تَسْكُنُ أبدانُها في تلك الجَزائِر فلذلك كانت الحُكَماءُ يَسْكُنُون فيها ويَتَدارَسُون الحِكْمَةَ هناك ويكونُ مَبْلَغُهم دائماً فيها ثَمَانِين كلَّمَا نَقَصَ منهم بعضٌ زِيدَ واللهُ أعلمُ . وأما وَجْهُ تسَمْيِتِها بالخالداتِ فلأَنّ الجَنّةَ عندهم عبارةٌ عن الْتِذاذِ النَّفْسِ الإنسانيًّةً باللَّذّات الحاصلَةِ لها بعد هذه النَّشْأَةَ الدُّنْيَويَّة بواسِطَة تَحْصيلِها للكَمالاتِ الحِكمِيَّةِ في هذه النَّشْأَة وعدم بقاء شيءٍ منها في القُوَّة وخُلودُ الجَنَّة عبارةٌ عن دَوامِ هذا الالْتِذاذِ للنَّفْس كما أن الخُلُودَ في النار عندهم كنايةٌ عن دوام الحَسْرة على فوَاتِ تلك الكمَالات فعلى هذا يكونُ معنَى جَزائر الخالدات هو الجَزائِرُ الخالدةُ نَفْسُ سُكّانِها في جَنَّة الَّلذّاتِ النَّفْسَانِيَّةِ المُكْتَسَبة في الدُّنيا . كذا حَقَّقه مولانا قاسم بيزلى : سِتُّ جَزائِرَ قال شيخُنا : والصَّوابُ أنها سَبْعٌ كما جزم به جماعة مِمَّن أرَّخها وهي واغِلَةٌ في البَحْر المُحِيط المُسمَّى بأُوْقيانُوسَ من جهةِ المَغْرب غربيَّ مدينةِ سَلاَ على سمْتِ أرض الحَبَشَة تَلُوحُ للنَّاظِر في اليوم الصّاحِي الجوِّ من الأبْخِرَة الغَليظَة وفيها سبعةُ أصنامٍ على مِثَال الآدميِّين تُشِيرُ : لا عُبُورَ ولا مَسْلَكَ وراءَها ومنها يَبْتَدِئُ المُنَجِّمُون بأَخْذِ أطوالِ البلادِ على قَول بطليموس وغيره من اليونانيِّين ويُسَمُّون تلك الجزائر : بقَنارْيَا وذلك لأَن في زمانهم كان مبْدَأُ العِمارَة من الغَرْب إلى الشَّرءق من المَحَلّ المَزْبُور والإبرةُ في هذه الجزائر كانت مُتَوجِّهةً إلى نُقْطَة الشَّمَال من غيرِ انحرافٍ وعند بعضِ المتأخرين وَرئيِس إسبانيا ابتداءُ الطُّولِ من جَزِيرة فَلَمَنْك وقالوا : الإبرةُ في هذه الجَزِيرَةِ متوجَّهةٌ إلى نُقْطضة الشَّمال من غير مَيْلٍ إلى جانبٍ وعند البعضِ : ابتداءُ الطُّولِ من السّاحِلِ الغربيِّ . وبين الساحلِ الغربيِّ والجزائرِ الخالداتِ عَشْرُ دَرَجَاتٍ على الأصَحِّ . تَنْبُتُ فيها كلُّ فاكهةٍ شَرْقيَّةٍ وغَرْبِيَّةٍ وكلُّ رَيْحَانٍ ووَرْدٍ وكلُّ حَبٍّ من غير أن يُغْرَسَ أو يُزْرعَ كذا ذكرَه المؤرِّخُون وفيها ما تُحِيلُه العُقُولُ أعْرَضْنا عن ذِكَرِهَا . وجزائِرُ بَنِي مَرْغَنَاىْ : د بالمَغْرِب وهو البَلَدُ المشهورُ بإفْرِيقِيَّةَ على ضِفّة البَحْرَيْن : بحرِ إفْرِيقِيَّةَ وبحرِ المَغْرِب بينها وبين بِجايَةَ أربعةُ أَيام وشُهرتُها كافِيَةٌ ومَرْغَنَاى : بفتح فسكون وتحريك الغين والنون كذا هو مضبوطٌ في النُّسخ والصَّوابُ بالزّاي وتشدِيدِ النُّونِ كما أَخْبَرنِي بذلك ثِقَةٌ من أَهْلِه .
والجِزَارُ بالكسر : صِرَامُ النَّخْل وجَزَرَه يَجْزُرُهُ ويَجْزرُه من حدِّ كَتَبَ وضرَبَ جَزْراً وجِزَاراً بالكسر والفتح الأخِيرُ عن اللِّحْيَانيّ : صَرَمَه . وأَجْزَرَ النَّخْلُ : حانَ جِزَارُه كأصْرَمَ : حانَ صِرَامُه . وجَزَرَ النَّخْلَ يَجْزِرُها بالكسر جَزْراً : صَرَمَهَا . وقيل : أفْسَدَها عند التَّلْقِيح .
وقال اليَزِيدِيُّ : أجْزَرَ القَومُ من الجِزَار وهو وَقتُ صِرَامِ النَّخْلِ مثل الجِزَارِ يقال : جَزُّوا نخلْهم إذا صرَمُوه . وقال الأحمر : جَزَرَ النَّخْلَ يَجْزِرُه إذا صَرمَه وحَزَرَه يَحْزِرُه إذا خرَصَه . وتَجازرَا : تَشاتمَا فكأَنما جَزَرَا بينهما ظَرِباً أي قطعاها فاشتدَّ نَتْنُها يقال ذلك للمُتشاتِمَيْن المُتبَالِغيْن . واجْتَزرُوا في القِتال وتجَزَّرُوا إذا اقْتتلُوا ويقال : ترَكُوهم جَزَراً بالتحريك إذا قَتلُوهم وتَرَكَهم جَزَراً للسِّباع والطَّيْر أي قِطَعاً . وجَزَرُ السِّبَاعِ : اللَّحْمُ الذي تأْكُلُه قال : .
إنْ يًفْعَلاَ فلقد تَرَكْتُ أباهما ... جَزَرَ السِّباعِ وكلِّ نَسْرٍ قَشْعَمِ . عن اللَّيْث : الجَزْيرُ بلغة أهلِ السَّوادِ : مَن يَخْتَارُهُ أهلُ القَريةِ لِمَا يَنُوبُهم في نَفَقَات مَن يَنْزِلُ بهم مِن قِبَلِ السُّلْطَانِ وأنْشَدَ :