يَحُجُّ مَأْمُومَةً في قَعْرِها لَجَفٌ ... فَاسْتُ الطَّبِيبِ قَذَاها كالمَغارِيدِ يَحُجُّ أَي يُصْلِحُ . مَأْمُومَة : شَجَّة بلَغَت أُمَّ الرَّأْسِ . وفسّر ابنُ دريد هذا الشعرَ فقال : وَصفَ الشاعِرُ طَبِيباً يُدَاوِى شَجَّةً بَعيدةَ القَعْرِ فهو يَجْزَع من هَوْلِهَا فالقَذَى يَتساقطُ من استهِ كالمَغارِيد والمَغَاريد : جَمعُ مُغْرُودٍ وهو صَمْغٌ معرُوف . وقال غيره : استُ الطبيبِ يُراد بها مِيلُهُ وشَبَّهَ ما يَخرج من القَذَى على مِيلِه بالمَغَارِيد . وقيل : الحَجُّ : أَن يُشَجَّ الرَّجُلُ وفيَخْتَلِطَ الدَّمُ بالدِّماغِ فيُصَبَّ عليه السَّمْنُ المُغْلَى حتّى يَظْهَر الدَّمُ فيُؤْخَذَ بقُطْنَةٍ . وقال الأَصمَعِيّ : الحَجِيجُ من الشِّجَاجِ : الذي قد عُوِلجَ وهو ضَرْبٌ من عِلاجها . وقال ابنُ شُميل الحَجُّ : أَنْ تُفْلَقَ الهامَةُ فتُنْظَرَ هل فيها عَظْمٌ أَو دَمٌ قال : والوَكْسُ : أَن يَقَعَ في أُمِّ الرأْسِ دَمٌ أَو عِظَامٌ أَو يُصيبَها عَنَتٌ . وقيل : حَجّ الجُرْحَ : سَبَرَه ليَعرفَ غَوْرَه عن ابن الأَعرابيّ . وقيل : حَجَجْتُها : قِسْتُهَا . وحَجَّ العَظْمَ يحُجُّه حَجّاً : قَطَعَه من الجُرْحِ واسْتَخْرَجَه . الحَجُّ : " الغَلَبَةُ بالحُجَّةِ " يقال : حَجَّهُ يَحُجُّه حَجّاً إِذا غَلَبَه على حُجَّتِهِ . وفي الحَدِيث : " فحَجَّ آدَمُ مُوسَى " أَي غَلَبَه بالحُجَّة وفي حديث معاويةَ : " فجَعَلْتُ أَحُجُّ خَصْمِي " أَي أَغلِبُه بالحُجَّة . الحَجُّ : " كَثْرَةُ الاخْتلاف والتَّرَدُّدِ " وقد حَجَّ بنو فُلان فُلاناً إِذا أَطالُوا الاختلافَ إِليه وفي التّهذيب : وتقولُ : حَجَجْتُ فُلاناً إِذا أَتَيْتَه مَرّةً بعد مرّةٍ فقيل : حُجَّ البيتُ ؛ لأَنّهم يأْتُونَه كلَّ سنَةٍ : قال المُخَبَّلُ السَّعْدىّ : .
وأَشْهَدُ من عَوْف حُلُولاً كِثيرَةً ... يَحُجُّونَ سبَّ الزِّبْرِقَانِ والمُزَعْفَرَا أَي يَقْصِدُونَه ويَزْورُونَه . قال ابن السِّكِّيت : يقول : يَكْثِرُون الاختلافَ إِليه هذا الأَصلُ ثمّ تَعُورِف استعمالُه في " قَصْدِ مَكَّةَ للنُّسُكِ " . وفي اللسان : الحَجُّ : قَصْدُ التَّوَجُّه إِلى البَيْت بالأَعمالِ المشروعةِ فَرْضاً وسُنَّةً تقول : حَجَجْتُ البَيتَ أَحُجُّه حَجّاً إِذا قصَدْتَه وأَصْلُه من ذلك . وقال بعضُ الفُقَهَاءِ : الحَجُّ : القَصْدُ وأُطْلِق على المَنَاسِكِ لأَنّها تَبَعٌ لقَصْدِ مكَّةَ أَو الحَلْق وأُطْلِق على المَناسكِ لأَنَّ تمامَها به أَو إِطَالَة الاختلاف إِلى الشّىْءِ وأُطلقَ عليها لذلك . كذا في شرْح شيخنا . تقول : حَجَّ البَيْتَ يَحُجُّه حَجّاً و " هو حَاجٌّ " ورُبما أَظهروا التَّضعيفَ في ضرورةِ الشِّعر قال الرَّاجز : .
" بِكُلِّ شَيْخٍ عامِرٍ أَ " وحَاجِجِ " و " ج : حُجَّاجٌ : كعُمّارٍ وزُوَّارٍ وحَجِيجٌ " قال الأَزهريّ ومثلُه : غازٍ وغَزِىٌّ وناجٍ ونَجِىٌّ ونَادٍ ونَدِىٌّ للقوم يَتَنَاجَوْن يَجْتَمِعُون في مَجلسٍ وللعادِينَ على أَقدامِهم عَدِىٌّ . ونقل شيخنا عن شروحِ الكافيةِ والتَّسْهِيل : أَنَّ لفظَ حَجِيج اسمُ جَمْعٍ والمصنّف كثيراً ما يُطْلِقُ الجمْعَ على ما يكون اسمَ جمعٍ أَو اسم جِنْسٍ جَمعىّ ؛ لأَن أَهل اللغة كثيراً ما يريدون من الجمعِ ما يدُلّ لفظُه على جمع كهذا ولو لم يكنْ جَمْعاً عند النُّحاةِ وأَهلِ الصَّرف . يُجمع على " حُجٍّ " بالضّمّ كبازلٍ وبُزْلٍ وعائِذٍ وعُوذٍ وأَنشد أَبو زيدٍ لجرير يهجو الأَخطلَ ويذكر ما صنعه الجَحَّافُ بنُ حَكِيمِ السُّلَمِىّ من قتل بنى تَغْلِبَ قَومِ الأَخْطَلِ باليُسُر وهو ماءٌ لبنى تَميم : .
قَدْ كَانَ في جِيَفٍ بدِجْلَةَ حُرِّقَتْ ... أَوفِى الذِينَ على الرُّحُوبِ شُغُولُ .
وكَأَنَّ عافِيَةَ النُّسُورِ عليهمُ ... حُجٌّ بأَسْفَلِ ذِي المَجَازِ نُزُولُ