وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ليس في أصناف العلومِ الخفية والأمورِ الغامضة الدقيقة أعجبُ طريقاً في الخفاء من هذا . وإنك لَتُتْعِبُ في الشيء نفسَكَ وتكدُّ فيه فكرَكَ وتجهد فيه كلَّ جَهدك . حتى إِذا قلتَ : قد قَتَلْتُه علماً وأحكمتُه فهماً كنتَ الذي لا يزالُ يتراءى لك فيه شُبهةٌ ويعرِضُ فيه شكٌّ . كما قال أبو نواس - الطويل - : .
( أَلا لا أرى مثلَ امترائيَ في رَسْمِ ... تَغَصُّ به عَيني ويلفِظُه وَهْمي ) .
( أتَتْ صورُ الأشياء بَيني وبينهُ ... فظنِّي كلا ظن وعِلْمي كلا علمِ ) .
وإنك لتنظرُ في البيتِ دهراً طويلاً وتفسِّره ولا ترى أن فيه شيئاً لم تعلمْه . ثم يبدو لك فيه أمرٌ خفيٌّ لم تكن قد علمتَه مثالُ ذلك بيتُ المتنبي - الكامل - : .
( عَجَباً لهُ حَفِظَ العِنانَ بأُنْمُلٍ ... ما حِفْظُها الأشياءَ مِن عاداتِها ) .
مضى الدّهرُ - الطويل - ُ ونحن نقرؤه فلا ننكِرُ منه شيئاً ولا يقعُ لنا أن فيه خطأ ثم بانَ بأَخرَةٍ أنه قد أخطأ . وذلك أنه كان ينبغي أن يقولَ : " ما حفظُ الأشياءِ من عاداتِها " فيضيفَ المَصدرَ إلى المفعولِ فلا يذكرُ الفاعلَ ذاك لأن المعنى على أنّه ينفي الحِفظَ عن أنامله جُملةً وأنه يزعم أنه لا يكونُ منها أصلاً وإضافتُه الحفظَ إلى ضميرِها في قوله : ما حفظها الأشياءَ يقتضي أن يكون قد أثبتَ لها حِفظاً .
ونظيرُ هذا أنك تقول : " ليس الخروجُ في مثلِ هذا الوقتِ من عادتي " ولا تقولُ : " ليس خروجي في مثل هذا الوقت من عادتي " . وكذلك تقولُ : " ليس ذمُّ الناسِ من شأني " ولا تقولُ : " ليس ذمِّي الناسَ من شأني " . لأن ذلك يوجبُ إثباتَ الذمِّ ووجوده منك .
ولا يصحُّ قياسُ المصدر في هذا على الفعْل أعني لا ينبغي أن يُظَنَّ أنه كما يجوز أن